المقالات

غارقةٌ على اليابسةِ


 

مها خليل||

 

أعاني دقة المُلاحظة ، وأقول أُعاني ؛ لأن البعض يرى ذلك مرض أو وسواس قهري ، لكنهُ أحد تفاصيلي المُلازمة نعم ، بدءاً بضبط توقيت المواعيد . وإنتهاءً بأعمقها ، فأني أجيد قراءة تعابير الوجوه ، كما أفهم لغة العين ، و أنصت جيدًا للشفاه الصامتة فهي تتكلمُ أيضًا ، كما أسمع صوت الجدران وحركة النوافذ التي دائما تنتظر غائبها ، أسمع نداء القلوب وصوت تكسرها ، كما تَهشُم الأضلاع جراء نبضة قوية من القلب جعلته يصطدم بها ويحطمها كردِ فعلٍ لحادثةٍ ما . أُصغي جيدًا لعقارب الساعة تك تاك .. تك تاك ...تك تاك ، هي تتكلم بلغتها تخبرني لما هي تسير دومًا ولا تتوقف حتى وإن توقف قلبي .

حفيف الريح يناغيني ، وغصن الشجرة يشكو قساوته ، هو يقول أحبها وأشتاق لها فأحتضنها وهي تقول لم يحتضنني مرة إلا وتركني مخلوعة ومتدلية نحو الأرض ، هما يتكلمان عن قصة عشقهما العقيمة .

سكبت صاحبة المقهى الشاي ، وقعت قطرة منه خارج الكوب ، تلك القطرة تعرف أني منتبهة لها فنادت ببكاء لأهرع لنجدتها هي تكره أن تكون وحيدة طلبت مني أن أعيدها للكوب مع باقي جنسها .

تجلس فتاة تبعد مسافة ثلاث أمتار عن طاولتي ، يبدو أنها قارئة لكنها لم تكن تحسن معاملة كتابها ، فرأيتها تطوي أحد وريقات الكتاب بخشونة ، سمعت تذمر الورقة ، هي قالت : ( ذلك أمر مُخجل هي تقدم على إهانتي دائمًا لماذا تفعل ذلك ؟ لماذا تكسر يدي وتطوي روحي ؟ اللعنة! )

العجوز الذي لا يبارح ركن المقهى ، لاحظت شيئًا غريبًا حصل معه هذه المرة ، هذا اليوم لم يكن يرتدي ساعته الفضية التي لا تعمل ، أنا أعرف أنها تعني له الكثير ، هو لم يحدثني مطلقًا لكن أعلم ذلك ، كان ينظر لها مذ لحظة جلوسه حتى وقت إغلاق المقهى ، أعلم أنه يتحدث معها فهي ملك لشخص عزيز عليه قد غادر الحياة وهو مشتاق له وهي تحمل كُل ذكرياتهما على زجاجتها وبين عقاربها الصدئة.

دقائق ساعتي تصيح بي لأعود للواقع و أخرج عن تفاصيلي الخيالية التي لن يلاحظها أحد غيري ، تقول لي ذلك أمر سيجعل منك مختلة غضي فكرك عن تلك التفاصيل ، لكن الأمر الصعب أني لا أجيد السطحية ولا أستطيع أن أمارس المجاملة ، في الواقع الحديث مع الناس هو الأصعب لأنه يحتاج لمجهود ذهني ، فاللناس مستويات عقلية وقدرات إستيعابية قد لا أجيد إيصال ماعندي لهم ، أنا إنسانة عميقة بل غارقة في العمق ، وهم يحتاجون لمن يطفوا معهم ، و أنا لا أود إيذائهم بالغرق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك