✍️ السيد احمد الأعرجي||
الحروب الإلكترونية مستمرة في العالم وبالخصوص العربي، فتعزيز القوى الكبرى الثالوث المشؤوم لتدخلاته بالمنطقة لتحصين نفوذه ، وتعزيز حضوره يتقاطع مع مواجهات مضادّة من فاعلين لتستمر الحروب بأشكال مختلفة، الهجمات الإقليمية تستمر في استهدافها ، إسرائيل تشن هجماتها الاستنزاف والتجنيد وغيرها من العمليات، ومن جانبها حركات المقاومة العراقية واللبنانية والفلسطينية واليمنية تتجاذب هجمات متبادلة في حرب مستمرة بينهما - إسرائيل وامريكا - وفي سياق الثورات العربية كانت الحرب السيبرانية حاضرة في كل لحظه ، لقد كان الفضاء الإلكتروني المحطة الاولى للاحتجاج ضد "الديكتاتور" وكان النضال الافتراضي في منصات التواصل الاجتماعي عنصراً مكملاً للنضال في المجال العام، وقد استغل النشطاء ما تبقى من هوامش التحرك المتاحة في بلدان الربيع العربي في العالم الرقمي بعد إحكام الانظمة لقبضتها الجديدة على الفضاءات العمومية، ولم تشكل مساحة للتعبير فقط إنما للتأطير وتعزيز المشاركة العامة في المظاهرات والاحتجاجات وتعزيز الوعي بالمشاركة، غير أنها تحولت فيما بعد لساحة للتناحر بتوظيف هذا المجال لنشر الدعاية والأخبار الزائفة للدفاع عن الأنظمة الحاكمة وهذا ما يؤسفنا .
فقد استثمرت الأنظمة العربية المعروفة بخبثها وعمالتها ودعمها في الفضاء الإلكتروني من أجل المراقبة وتوقع تحركات النشطاء، فاستعادت زمام المبادرة حيث استعانت ببرامج للمراقبة -بعد أن كانت تراهن سابقا على استراتيجية تجميد وإلغاء خدمات الإنترنت - للتضيّق الالكتروني على النشطاء داخل الفضاء الرقمي، فأكثر من 16 دولة عربية مستهدفة ببرنامج ( التجسس بيغاسوس ) وتحوم شكوك حول استغلال الحكومات لهذه البرمجيات للتجسس واختراق هواتف المستهدفين أغلبهم نشطاء وصحفيين واصحاب قرار .
لقد كانت البداية بكشوفات عن استعمال الحكومة السورية لبرامج مراقبة وتجسس على أجهزة الكمبيوترات المستهدفة للنشطاء ، و توظيف مجموعة من قراصنة الإنترنت تُتهم بأنها ذراع تقنية للجيش السوري يقوم بخرق وهجمات على مواقع إخبارية وحقوقية ودبلوماسية وترك رسائل تتصل بالأزمة السورية، وتوجيه انتقادات والدفاع عن النظام الحاكم فكانت تشويشات واضحة للعقلاء .
وعلى منوالها سارت باقي الدول، فليست مصادفة أن تتوج البلدان العربية كالبحرين والسعودية وسوريا والإمارات واليمن على رأس الدول الأكثر مراقبة للإنترنت، التي تفرض رقابة على الإنترنت حسب تقرير منظمة مراسلون بلا حدود. هذا القمع الإلكتروني يُستثمر للسيطرة على منشورات مواقع التواصل الاجتماعي وتعززه بقوانين لتقنينها، ويحتدم الجدل حيالها بين دفاع عن الأمن المعلوماتي واتهامات بتقييد الحريات وتطرح حيالها إشكالية تهديد الحرية الفردية والتعبير .
وختاماً ، لا شك أن هذه الحروب تدور خلف شاشات الحواسيب، فتخطط القوى الكبرى للتحكم فيها وتعزيز أمنها القومي، أما باقي الدول فتبقى رهينة تحركاتها، وغير بعيد، الدول العربية تعاني من تهديداتها، وإن كان حضورها لصالح تضييق الحريات وإحكام القبضة على الفضاء الرقمي، وتبقى الحرب مستمرة، فبالأزرار تكسب المعارك أو تخسر ! وعليه لابد الحذر والانتباه من اي صادرة وواردة في الاعلام والتواصل الاجتماعي لأن الأيام الحالية تثبت ذلك والايام القادم ستعطي مصاديق عن مايجري وما يكتب ، في الكتابات والمقالات .
والحمدلله رب العالمين
https://telegram.me/buratha