د. علي المؤمن||
· ضمانات عناصر القوة
يحظى النظام الاجتماعي الديني الشيعي بعناصر قوة وثبات واستمرار، لايحظى بها أي نظام اجتماعي ديني آخر، إسلامي وغير إسلامي، وهي ليست وليدة العصر الحاضر، بل أن بداياتها وقواعدها قديمةٌ قِدم النظام الاجتماعي الديني الشيعي العالمي، الذي وضع أسسه في عصر غيبة الإمام المهدي، سفيره الأول الشيخ عثمان العمري، بعد العام 260 ه (874 م)، ثم رسخ دعائمه السفراء الثلاثة الذين أعقبوه، إضافة الى جهود الفقهاء المؤسسين الأربعة: الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي. إلّا أن تطور هذه العناصر ونمو تفرعاتها وتبلور مضامينها الفكرية والشعائرية والطقسية؛ احتاج الى قرون كثيرة، لتخرج بالصيغ التي عليها الآن.
هذه العناصر الواقعية تشكل ضمانة بقاء المذهب الشيعي والنظام الاجتماعي العالمي المتماسك الذي افرزه، وقوة هذا النظام ومناعته، وتمدده واستمرار عنفوانه، بصرف النظر عن العناصر العقدية والفقهية الأساسية التي تمثل قاعدة نشوء مدرسة آل البيت وأسس وجودها، والمتمثلة بكتاب الله وسنة رسوله والأئمة من ولده؛ لأن منهجنا في المقاربة هنا يتناول العناصر الواقعية وليست العقدية والنظرية.
ومهما كان الدين والمذهب والعقيدة والايديولوجيا والجماعة، تحظى بعناصر القوة النظرية الذاتية؛ إلّا أنها ستتقهقر وتتراجع وتتعرض لمظاهر الانهيار، في حال تعرضت لمحاولات الإقصاء والاستئصال، وفيما لو لم تكن تتمتع بعناصر القوة الواقعية والحماية الميدانية، وهي ما يمكن التعبير عنها بالسلطة الداعمة، سواء كانت سلطة الحكم أو سلطة الفتوى أو سلطة المال المستقل أو سلطة السلاح أو سلطة الطقس الاجتماعي المتجذر وغيرها. وكلما اجتمعت هذه السلطات وتكاملت في منظومة واحدة؛ ازداد المذهب والجماعة قوة ومناعة وضمانات على الاستمرار والتمدد.
إن عناصر القوة الواقعية الأساسية التي تشكل الحماية لمدرسة آل البيت وأبنائها وللنظام الاجتماعي الديني الشيعي، هي إثنتا عشر عنصراً أساسياً: القضية المهدوية، المرجعية الدينية، ولاية الفقيه، التماسك المجتمعي الديني، عالمية النظام الشيعي، الاستقلال المالي الديني، المراقد والمزارات، شعائر الإمام الحسين، ايران، المشاركة في الحكومات، الجماعات السياسية وجماعات المقاومة. وسنتاولها في المقالات القادمة بإيجاز.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)