د. علي المؤمن ||
من أهم ما يميز النظام الاجتماعي الديني الشيعي؛ تماسكه الداخلي وتلاحم مكوناته وتعاون قواعده البشرية في مختلف بلدان التواجد الشيعي. وخلال مرحلة تأسيس النظام في عصر الغيبة، والمراحل التي تلتها، عمل زعماء الشيعة الدينيون وفقاؤهم على تحكيم قواعد هذه التماسك وفق المبادئ العقدية الإسلامية، فضلاً عن السياقات العملية والصياغات الهيكلية التي تشد مكونات النظام وعناصرها البشرية ببعضها.
وأخذ هذا التماسك، بمرور الزمن، صيغة وحدة المصير المجتمعي الديني، وبات مرتكز قدرة الشيعة على دفع التحديات المشتركة. وظلت أواصر هذا التماسك تزداد قوة كلما كبرت التحديات والتهديدات المشتركة التي تستهدف وجود الشيعة وحريتهم العقدية والمذهبية وشعائرهم وطقوسهم، وتصاعدت حدة القمع ضدهم. حتى باتت هذا العنصر من أهم ما يميز النظام الاجتماعي الديني الشيعي عن غيره، واحد عناصر قوته الأساسية.
ويستوعب عنصر التماسك والتعاون هذا أغلب مجالات الحياة، بما فيها الجانب الشعائري والطقسي والاجتماعي والمالي والسياسي. وفي الوقت نفسه؛ ظل تفكيك هذا العنصر وضربه، أحد أكثر الأمور التي تشغل خصوم الشيعة وتستأثر بمخططاتهم.
ولعل ما تشهده محاولات بث الفرقة وخلق الفتن والأزمات بين شيعة منطقة غرب آسيا، وخاصة بين شيعة العراق ولبنان وايران، بل بين شيعة البلد الواحد، بالشكل الذي يحدث في العراق منذ العام 2003 وحتى الآن؛ إنما هو التطبيق الواضح لمخططات الخصوم، وفق ماتزال تكشفه الوثائق الكثيرة.
وتقف أنظمة السعودية وإسرائيل وأمريكا، فضلاً عن حزب البعث، في مقدمة الجهات التي تمارس الدور التقليدي في الوقت الحاضر، في تمزيق النسيج الاجتماعي الديني الشيعي، وهي الجهات التي أخذت ـــ بالتدريج ـــ مكان تركيا العثمانية وبريطانيا والنظام العراقي السابق.
____________________
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)