د بلال الخليفة||
ان السياسيين بيدهم القانون ويجعلوه كالمطاط يكبروه يصغروه متى ما شاءوا , فقال جوناثان سويفت "القوانين مثل خيوط العنكبوت تمسك بالذباب الصغير بينما تسمح للدبابير باختراقها."
أن آثار الفساد السلبية الوخيمة على النطاق السياسي لا تخفى على أحد، وهي ظاهرة للعيان، فقد تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي أو فقدان النظام السياسي لشرعيته والى شيوع الفوضى والاضطرابات و ضياع موارد مالية ضخمة وغيرها من الآثار الوخيمة على الجانب السياسي للدولة وتفصيل ذلك فيما يلي:
1 - فقدان الشرعية السياسية للأنظمة الحاكمة:
إن مبدأ الشرعية الناتج عن الرضا والثقة بالحكم يعد من أهم مقومات ضمان واستقرار أي نظام سياسي ، لأنه ناتج عن القبول لدى المجتمع على النظام الحاكم. أما الفساد فإنه يقوض الشرعية ويشوه الهياكل الأساسية في الدولة، كما قد يستخدم الفساد كوسيلة لشراء الذمم والضمائر والولاء السياسي للنظام، اصل الفساد في هذا الجزء هو استخدام الصلاحيات الممنوحة لهم لأجل الكسب الغير المشروع وتعيين الاقارب حتى اصبحت الوزارات والدوائر تابعة للحزب الفلاني او للعشيرة الفلانية. وبالتالي ان هذا الأمر الذي يفقد ثقة الشعب في هذا النظام، ويجعله مدعاة للنقد اللاذع والسخرية، ثم زعزعة الثقة بالنظام السياسي بسبب تعرض مصالح المواطنين، للضياع والسلب والنهب وتزايد الهوة بين الحاكم والمحكوم، وفي نهاية المطاف يتسبب الفساد في حصول توترات اجتماعية وتوترات سياسية في الدولة, قد تنتهي بالمظاهرات او تصل الى الثورات.
2 - ضعف المشاركة السياسية:
إن انعدام الشرعية الناتج عن أفعال الفساد المسؤولين يؤدي إلى ضعف المشاركة السياسية أي ان المواطن اصبح في واد والمسؤول في واد اخر حتى شعر الشعب ان لا راي له, وبالتالي يصل الامر الى العزوف عن المشاركة السياسية وهي المتمثلة بالانتخابات, وهذا واضح جدا للمتتبع السياسي فنرى ان المشاركة بدأت تتناقص سنة بعد اخرى حتى وصل الامر في انتخابات عام 2018 لأدنى نسب مشاركة.
3 - زعزعة وإضعاف المناخ الديمقراطي في الدولة:
عندما يتفشى الفساد في أي دولة بمختلف صوره، فإنه يؤدي إلى إضعاف وتشويه المناخ الديمقراطي في المجتمع وان لم يكن القضاء عليه كليا بسبب استبداد الحاكم وسلطته المطلقة، واستخدام عائدات الفساد لشراء الأصوات الناخبين للنجاح في اعتراء عرش البرلمان من أجل كسب الحصانة السياسية والاستمرار في ممارسة التصرفات والأعمال غير المشروعة.
كما قد تعتمد الأحزاب الفاسدة في التمويل على عائدات جرائم الفساد المختلفة من أجل تمويل حملاتها الانتخابية وقبول تبرعات كبار تجار الفساد، فتصبح الديمقراطية عملية شكلية مفرغة من محتواها , لان الفقير يصبح في المناخ الديمقراطي ضعيف عن مجابهة ومنافسة من هو بالحكم واصبح تاجرا ومقاولا ومن اصحاب المليارات, في احد الانتخابات شخص يمتلك كل المؤهلات لكنة لا يملك المال وهو مشارك في الانتخابات واخر في الدولة ولدية نفوذ, الاول صرف على حملته الانتخابية عشرة مليون نصفها بالدين والاخر صرف مليار بالإضافة الى المتملقين له الذين سخروا طاقاتهم وامكانياتهم خدمة له.
4 - شيوع الفوضى وعدم الاستقرار السياسي:
إن شيوع الفساد يؤدي إلى انتشار الفوضى السياسية، حيث تعطل الدساتير والقوانين و الأنظمة، وهذا واضح لدينا فيحكم على طفل سرق علبة كلينكس ويعفى عن ارهابي اعترف امام شاشة التلفاز بالقتل واخر سرق المليارات, وهذا الأمر يشجع على عدم الالتزام بأحكام القوانين واللوائح، وتصبح لغة القوة وفرض أمر الواقع وسيلة لانتزاع الحقوق، وتصبح لغة العنف هي المعترف بها والحاسمة في المنازعات السياسية وعادة ما تستخدم الاعتقالات لمنع أي ممارسة سياسية أو ديمقراطية حقيقية واعتقال من يتوقع النظام فوزهم في الانتخابات.
وعدم الاستقرار السياسي والفساد توأمان لا يفترقان وعمليتان متلازمتان، فالدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي نجدها تعاني من ارتفاع معدلات الفساد الإداري.
النتيجة: فإن الفساد يؤثر سلبا على استقرار النظام السياسي وسمعته، ويحد من قدرته على احترام حقوق المواطنين في المساواة وتكافؤ الفرص وحرية الاطلاع على المعلومات ويغذي السرية والقمع، ويحد من شفافية النظام وانفتاحه ويضعف دور المؤسسات ويعزز الاستبداد ويحول دون المشاركة السياسية نتيجة غياب الثقة بالمؤسسات العامة ويضعف أجهزة الرقابة والمساواة.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)