د. علي المؤمن ||
تمثل مظاهر إحياء أمر أل البيت، وخاصة الإمام الحسين، وشعائرها والطقوس المنسوبة اليها؛ أحد أهم عناصر الشد العقدي والوجداني والنفسي والمجتمعي المحورية للمذهب الشيعي ونظامه الاجتماعي الديني، وهي تلعب أدواراً نوعية ومتعددة في تقوية هذا النظام وتمييز هويته. ولعل المراقد والشعائر هما العنصران الأكثر التصاقاً بالوجدان الشعبي الشيعي، والأكثر إلهاباً لمشاعر الشيعة من بين عناصر قوة نظامهم الاجتماعي الديني الأخرى، ولا فرق في ذلك بين متدين مقلِّد للمراجع وبين غير متدين لايقلد، أو بين إسلامي متزمت وبين علماني منفلت فكرياً، أو بين مؤمن وبين مقارب للإلحاد.
ومن أهم مخرجات الشعائر الحسينية وطقوسها أنها تخلق طاقة محركة هائلة من الحماس المجتمعي الشامل لمواجهة أي تحدي وتهديد للنظام الاجتماعي الديني الشيعي ومكوناته؛ الأمر الذي حوّلها الى هاجسٍ وجودي للنظم السياسية الطائفية المتعاقبة، منذ واقعة استشهاد الإمام الحسين وحتى الأن، وظلت تعدّها تهديداً تلقائياً لها.
ولذلك؛ عملت هذه الأنظمة بكل ما تمتلك من وسائل قوة قانونية وسياسية وأمنية وعسكرية، من أجل القضاء على هذه الشعائر وطقوسها. ويمكن ملاحظة مسار تعامل نظام البعث العراقي معها طيلة 35 عاماً من حكمه،كنموذج؛ للدلالة على طبيعة تعامل خصوم الشيعة مع عنصر القوة هذا.
وعلى العكس من ذلك؛ يمكن ملاحظة تعامل المرجعية الدينية والحوزة العلمية وأنظمة الحكم الشيعي والأحزاب الشيعية، مع الشعائر الحسينية وطقوس العزاء، وهو تعامل ينطوي على أبلغ مضامين التشجيع والدعم. وأهمية الشعائر الحسينية وقوة تأثيرها في الواقع الاجتماعي وكسب الأنصار وخلق الزعامات المحلية والوجاهات الاجتماعية؛ جعلتها عرضة للاختراق والاختلاق، فدخلت عليها بعض الممارسات غير المقبولة عرفاً وشرعاً، سواء على مستوى المظاهر العامة أو الأشعار والمقولات التي يرددها بعض المنشدين (الرواديد) وخطباء المنبر. إلّا أن هذه الشوائب والسلبيات ـــ بالرغم من خطورة استفحالها واستثمارها من الخصوم ـــ لاتقلل إطلاقاً من أهمية عنصر الشعائر الحسينية وطقوس العزاء.
ــــ
https://telegram.me/buratha