حازم أحمد ||
المُناداة غير الصُّراخ، وأوراق الضغط غير أوراق الانتحار، واستخدام شعارات الرفاهية والحرية والديموقراطية... غير استخدام شعارات الهلع والرعب، آليات الترغيب بالضمان الصحي والانسحاب للداخل الأ.ميركي وإصلاح النظام التعليمي... غير الترهيب من جحيم قادم!.
هكذا دخلتْ أميركا عصر مفهومات جديدة، وسياسة جديدة في انتخابات 2020، وهي الأولى من نوعها كمًّا ونوعًا، إذ هبطت القيم الأميركية إلى مستوى الحضيض، والمعايير الأخلاقية لم تعُد موجودة، المشكلة التي استفاق عليها الشعب الأميركي يوم الانتخابات هي الدافع الجديد للانتخابات، والسبب الذي تُبْنى عليه حملةُ الجمهوريين وحملةُ الديموقراطيين، لا وجود للتنافس بشرف، ولا قيمة للمشاريع في التنمية والاقتصاد والطاقة النظيفة أو البديلة... التنافس هبط إلى المستويات الشخصية الفردية، إذ مثلَّت هذه الانتخابات أسوأ انتخابات قد تحدث في إحدى الدول العربية الدكتاتورية.
الورقة الانتخابية الأساس التي كانت بيد الديموقراطيين هي كيفية إسقاط شخص ترمب، والورقة الأساس التي كانت بيد ترمب هي (Sleepy Joe) على حد تعبيره، أي: هي إسقاط شخص خصمه جو بايدن، لم تكن هناك قيمة عُليا لأي مشروع يجذب الناخب كما كنا نُراقب سابقًا، وهذه الفجوة في رؤية الشعب لن تُملأ في دورة انتخابية قادمة ولا دورتين؛ فهي مرحلة ستأخذ وزنها المناسب بالعصف والدمار في أميركا.
أكثر من (550) ميليشيا مُسلحة شُكِّلت في أميركا خلال مرحلة ترمب، وفي ظرف بضعة أشهر فقط بِيعَت أكثر من (20) مليون قطعة سلاح للشعب الأميركي، مُدرّعات تابعة لأنصار ترمب المدنيين تتجول في شوارع أميركا في مشهدٍ لم تألفه الدولة التي تدّعي تصدير الديمواقراطية للعالم!.
أميركا تواجه الخطر الأُسِّي اليوم وهو (الاقتصاد)، لأنها خسرت مكانتها بصفتها الاقتصاد الأول في العالم لتنزل إلى المرتبة الثانية، وها هي الصين تتسلَّق نحو قمة الهرم بوتيرة ثابتة.
هذا ما صرَّحت به مجلة (ناشيونال إنترست) قبل بضعة أيام؛ إذ تذكر نمو الصين لهذا العام بنسبة (4.9%)، عابرة بذلك على رأس المال الأميركي تتفرَّج عليه يتدحرج من فوق قمة الجبل نحو السفوح التي تؤدي مستقبلًا إلى الوديان.
المفارقة أنّ الموازنة الأميركية تعاني من عجز (3) تريليون دولار، والصين لديها إحتياطي (3) تريليون دولار، ديون أميركا الخارجية أكثر من (23) تريليون دولار وهو أعلى رقم في العالم، والصين ليست مديونة، الدولار الأميركي غير مغطّىً بالذهب، لكن اليوان الصيني في نسبة كبيرة مغطىً بالذهب فضلًا عن اليوان الذهبي والرقمي.
رأس المال المعنوي الأميركي تكسَّر في هذه الانتخابات؛ إذ لا ديموقراطية ولا حرية ولا احترام لأي قيم تدَّعيها أميركا.
رأس المال المادي الأميركي تدحرج؛ مارًّا من بين أقدام التنين الصيني في أثناء صعوده إلى قمة الجبل الاقتصادي.
الاضطرابات والانقلابات بالمفهومات التي تخضع لها أميركا الآن لن تنجو منها بسهولة، وربما لا تنجو، فهي جراحات عميقة تكلفها عقودًا من الزمن للمعالجة، العالم الجديد يُولَد غير آبهٍ بالعقوبات الأميركية ولا بلغتها الفارغة؛ لأنّ حقيقة النظام الأميركي بما يحمل من قيم وادِّعاءات لا يعدو أكثر من تفاهة عابرة آنَ أوان هلاكها.
ــــــ
https://telegram.me/buratha