المقالات

عناصر قوة الشيعة التي يراد ضربها/ 14/ رهانات ضرب عناصر قوة الشيعة


 

د. علي المؤمن||

 

    لقد تنبّه المؤسسون الثمانية للنظام الاجتماعي الديني الشيعي في عصر الغيبة، وغيرهم من الفقهاء والزعماء الدينيين والسياسيين والعسكريين الشيعة، عبر مئات السنين، الى أهمية عناصر القوة الشيعية الواقعية، وانشغلوا بتأصيلها وتطويرها وتنميتها، الى جانب تقوية البعد النظري، العلمي والفقهي والفكري لمدرسة آل البيت؛ فكانت عبقرية هؤلاء الزعماء تعمل على خطين متكاملين: الخط النظري والخط الواقعي الميداني، وهو ما نشاهد نتائجه اليوم. ولولا هذا العمل التكاملي، لما تمكن الشيعة من البقاء، ولما وصل عددهم اليوم الى أكثر من (400) مليون نسمة، منتشرين في أغلب دول العالم؛ لأن شدة حملات الإقصاء والقتل والتشريد والقمع والاضطهاد، طيلة 1380 عاماً، كان من شأنها القضاء على أي مذهب وجماعة دينية، مهما كان حجم قوتهما النظرية.   

   وفي الوقت نفسه؛ كان خصوم النظام الشيعي المتمثلون في الايديولوجيات المذهبية الإقصائية والأنظمة السياسية الطائفية والقوى الاستعمارية العالمية ووسائل الإعلام والدعاية المعادية والجماعات المسلحة، منذ اللحظة الأولى لنشوء عناصر القوة الواقعية هذه، وحتى الآن؛ يخططون ويعملون بكل جدية، من أجل تدمير عناصر القوة الشيعية الواقعية، وتمزيقها وتشويهها؛ بهدف إفراغ المذهب الشيعي ونظامه الاجتماعي من عناصر القوة والمناعة.

    وهكذا لايزال الصراع الوجودي قائماً بين النظام الاجتماعي الديني الشيعي وخصومه الطائفيين والاستكباريين، ولكل منهما أهدافه ووسائله؛ فبينما يهدف النظام الاجتماعي الديني الشيعي الى المحافظة على نفسه وأبنائه، وعلى عقيدته وشعائره وطقوسه، وعلى عناصر قوته وبقائه، فإن الخصوم يهدفون الى تدمير هذا النظام وتمزيقه.

    وفضلاً عن الوسائل الخارجية التي يستخدمها خصوم الشيعة في ضرب التشيع ونظامه الاجتماعي الديني؛ فإنهم يستخدمون أيضاً عناصر داخلية من الشيعة أنفسهم، ويحركونها بشكل مباشر، عبر شراء ذممها وتشغيلها كعملاء ومرتزقة، أو بشكل غير مباشر، دون أن تشعر بأن من يحركها ويرسم لها مساراتها في تمزيق الواقع الشيعي، خصمٌ خارجي. 

   وبصرف النظر عن الخلاف في وجهات النظر حول بعض عناصر قوة الشيعة الواقعية المذكورة، والخلل والخطأ في أدائها أحياناً، والجدل حول اتهامات القصور والتقصير التي تتوجه إليها، وبصرف النظر أيضاً عن المواقف الشخصية والنفسية والعاطفية تجاهها؛ فإنها ـــ دون أدنى شك ـــ تمثل عناصر قوة حقيقية للمذهب الشيعي ونظامه الاجتماعي الديني. ولذلك؛ فإن جزءاً من الحرب ضد الشيعة هو تضخيم خصومهم لمؤشرات الخلل والخطأ في بعض هذه العناصر، وخلق الصراعات والخلافات الداخلية، وإقناع بعض الشيعة بالعمل ضد هذه العناصر، وهو مكمن الخطر الأكبر؛ لأن الخصوم الداخليين، المرتبطين ارتباطاً مباشراً أو غير مباشر بالخصم الخارجي، هم الأكثر تشدداً واندفاعاً ضد الواقع الشيعي العام في عملية الصراع بين الشيعة وخصومهم، وكأنهم يمثلون الوجه الداخلي الآخر لسلطة آل أمية وجيش صلاح الدين الأيوبي والدولة العثمانية والمذهب السعودي الوهابي وحزب البعث ومنظمة القاعدة وتنظيم داعش وسياسات أمريكا وبريطانيا. 

   وتزداد أهمية تقويم عناصر القوة الإثني عشر المذكورة، وإصلاحها وممارسة واجب النصحية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معها، الى جانب واجب دعمها واسنادها وعدم تضعيفها؛ كلما ازداد تأثيرها وحضورها في الواقع الشيعي، وكلما ازداد الخلل في أدائها، دون أن تتحول تمظهرات الواجبين الى ولاء عاطفي أعمى غير واعٍ، أو خصومة تهريجية مخربة.

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك