عدنان جواد||
ان ما حدث في العراق والمنطقة وسيحدث في المستقبل، ليس امراً طبيعيا او اختلاف بين فكرين دينين او اتجاهين سياسيين ، وانما هو امتداد لحروب دولية ، وحروب داخلية محركها واحد بين سنة وشيعة واكراد وعرب، فالعراق مستهدف ليس اليوم وانما منذ زمن بعيد، وهذا طرحي وموضوعي ليس اعادة أو اجترار لمقولة المؤامرة والاقتناع بها، ولكن هناك احداث واسرار سربت ، واصحاب قرار سابقين اعترفوا في كتاباتهم عن المخططات التي نفذ بعضها على ارض الواقع ، والاخر في طور التنفيذ.
الاحداث يتذكرها من بلغ عمره الخمسين وما فوق، وما دون ذلك سمعها من اهله الاكبر منه سناً، فالعراق ادخل حربا ضروس مع جارته ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران على حكم الشاه الحليف الاستراتيجي لأمريكا واسرائيل، فتحولت الدولة الحليف الى عدو، فتغيرت الاستراتيجيات والتخطيط المسبق، فلابد من اضعاف هذه الثورة بجارها الذي يحاول ان يتطور ويصنع اسلحة بعيدة المدى، فتم ضرب مفاعله النووي (مفاعل تموز) واغتيال علمائه، وبعد الدماء لم تجف من حرب الثماني سنوات ادخل في حرب اخرى سميت بحرب الخليج الثانية، في توريط قيادته الديكتاتورية الحمقاء والرعناء، في دخول الكويت واحتلالها، واخرج ذليلا بعد ان خسر الالاف من الجنود والاليات وتدمير الجسور والبنى التحتية، وتدمير ترسانته العسكرية من صواريخ ودبابات وطائرات، وتكليف العراق ديون لا تستطيع حتى الاجيال اللاحقة تسديدها، لا نعيد سيناريوهات إسقاطه واذلاله وكيفية تنازل عن الارض التي حارب من اجلها ثمان سنوات ، ولا على النفط الذي اراد ان يعوض خسائر الحرب اصبح يبيعه مقابل الغذاء والدواء فقط.
بعد التغيير عام 2003 وبعد ما دمرت البنية التحتية في جميع مجالات الحياة، وما بقي سمح( بتفصيخة ) وسرقته ، اوقف كل تطور وعاد البلد الى الوراء وحسب ما قيل في وقتها 50 سنة للتخلف، وتم تقسيم العراق البلد الضعيف المحتل من قبل اقوى دولة في العالم الى كيانات وديانات واقاليم، اقليم كان موجودا قبل سقوط النظام ، تسيطر عليه زعامات حزبية عشائرية كل همها العشيرة والابناء وزعامة الاقليم المنفصل، واقليم غير معلن عنه غربي العراق، شعر انه خسر السلطة ولابد ان يستعيدها بشتى الطرق حتى لو تحالف مع الشيطان، فانخرط البعض بالعمل السياسي من باب الانتفاع وتعطيل الدولة من النهوض كما قال الحلبوسي في حديثة عن سعد البزاز ووصاياه لساسة السنة، فأدخلت القاعدة ومولت من قطر والسعودية وتركيا، واتت بعدها داعش وتم احتضانها من قبل المناطق الغربية ، كل هذا حتى لا يتحول العراق الى دولة ذات قانون وسيادة والاهم من هذا كله بقيادة شيعية، ولكن الذي حدث تحولت تلك المناطق الى خراب وفرقة وعداوات بين ابناء المناطق انفسهم، بين من كان مع داعش ومن وقف ضد داعش، وبين من يساند الحشد والقوات العراقية التي انقذتهم من الذبح والسبي والفكر المتخلف وبين من يكره الرافضة حتى لو ضحوا بأنفسهم من اجله.
والخطة الاخيرة هي في استهداف الاقليم الثالث الوسط والجنوب وتفكيكه، من خلال تغيير ثوابت فكرية ، منها رمزية القدوة المرجعية الدينية واستهدافها وتسقطيها بشتى الوسائل، وتفتيت الترابط القيمي والعشائري، وتغييب الجامع بين ابناء هذا الاقليم واضعافه واستبداله برابط دفعا كذبا وهو رابط الوطنية الذي غيب كثيرا، وهو يدغدغ مشاعر اغلب الناس في تلك المناطق، وما الصدامات المتكررة بين المتظاهرين بحجة هؤلاء متحزبين سارقين وهؤلاء شباب تشرينين اصحاب حقوق، فتم تقسيم المجتمع بين تشريني امريكي ، وحشدي ايراني، في حين ان الاثنان اخوة يجمعهم بلد واحد ودين ومذهب واحد ومصير واحد وحتى البعض منهم يسكن في منزل واحد، ليتم التحكم بالشارع وتمرير المشاريع والخطط المرسومة، مع الاسف الاحزاب التي حكمت كل همها السلطة والزعامة، ولم يتعضوا من الماضي وما وصل إليه البلد، فأصبح كل شيء فيه صرف أموال بالاقتراض، ومن الآن يعدون العدة في كيفية خداع الناس وإعادة انتخابهم للبقاء في السلطة رغم فشلهم السابق، وتشهد على ذلك مدنهم وقراهم فهي باقية على حالها في العمران والبنيان، واهلها المحظوظ فيهم من اكمل الدراسة ووجد وظيفة او عمل، بينما هم اصبحوا بقدرة قادر من اصحاب الشهادات و الاموال والعقارات والبساتين في الداخل ، واموال وشقق بالخارج، وهذا السبب الذي هيج الشباب للتظاهر والمطالبة بحقوقهم .
بقي ان نعرف حقيقة الصراع الدولي في العراق، فهناك صراع بين امريكا والصين المتمثل بميناء الفاو وطريق الحرير، والمشروع الامريكي بصفقة القرن، واخر سعودي يريد عودة المعادلة القديمة في الحكم، وايراني ان يتعزز حكم الشيعة في العراق ويصبح مهابا ومحترما، فينبغي لأهل الوسط والجنوب لانهم ساحة الصراع الحالي، وقبل تدمير انفسهم بأنفسهم، اي الخيارات انفع لهم توفر لهم العيش الكريم والاحترام من قبل الدول، خصوصا وانهم جربوا سياسة واشنطن فهي لم تجلب غير الفوضى وعدم احترام القانون وغياب الدولة، والسرقات وانتشار الرشوة، بمنح المناصب لعديمي الضمير والولاء لوطنهم وناسهم، وان القتل وسفك الدماء لأسماء واهداف وهمية زائلة لا يجلب غير الحقد والفرقة بين ابناء الوطن الواحد، فليرتفع وعي السياسي وخاصة الزعماء منهم والمواطن ايضا الى مستوى المسؤولية، فالأمر لا يتحمل ازمات وصراعات وتفكك جديد، وهو بمجمله تنفيذ لمخطط يهدف للإضعاف وليس للقوة.
https://telegram.me/buratha