المقالات

المشتركات بين العلمانيين والاسلاميين 


  ابراهيم العبادي||

 

يميز  بعض الدارسين والباحثين بين علمانية فكرية وثقافية وبين علمانية سياسية ،ويريدون بالاولى انها معنية بالحقيقة والمنهج وانها لاتؤمن بحقيقة مطلقة وانما نسبية ، فيما يعنون بالعلمانية السياسية ،انها تلك التي تفصل الدين عن اي تأثير في الدولة والنظام السياسي ،فلاتنظر الى دين ومذهب الحاكم وهوية نظام الحكم وترفض خضوع القوانين للمحددات الدينية وتتبنى قيم وقوانين  انتجها العقل الانساني المعاصر واصبحت مصنفة ضمن قيم وقوانين ومفاهيم ومنظورات عصر الحداثة ومابعد الحداثة .ونموذجها في ذلك الدول الحديثة القائمة بمجتمعاتها الديناميكية وحرياتها وقوانينها وسلامها الداخلي وعطائها المتواصل. بأزاء هذه الرؤية وقف الاسلاميون موقف المدافع عن (الخصوصية )الاسلامية والرؤية الحضارية المتكونة منها ،فالاسلام لديه (نظام سياسي اسلامي)  و(مذهب اقتصادي) ونظرية للمعرفة ، وفلسفة للحقوق ومنظومة قيم ، وبالاجمال فالفكر الاسلامي ليس قاصرا عن تأسيس دول معاصرة ، حديثة النظم ،قادرة على مجاراة دول العلمانية المعاصرة ،لكنها تتمسك بقيمها السماوية  وتشريعاتها الدينية . بسبب غلبة ذهنية الصراع والنظر الى الاختلاف من منظور صدامي ميال الى الحسم العنيف ،خسرنا في العراق مائة عام من عمر الدولة الوطنية (الحديثة) ولم يحسم تيار بعينه (المعركة) حسما نهائيا، كما حسمت في الغرب بين سلطة الكهنوت المسيحي وسلطة الدولة ،ولم تعد مشكلتهم الاجتماعية -السياسية ،علاقة الدين بالدولة ،وليس من وظيفة الدولة التدخل في الشأن الديني ،فكلاهما له حقل اشتغاله الخاص ، قد يقتربان وقد يبتعدان ، غير ان الدين لايعود مظلة للمواطنة والحقوق والواجبات والعمل السياسي ،بل الوطن والدستور والقانون والنظام العام والمصلحة المشتركة .  كلف الصراع على السلطة وقيادة الدولة والمجتمع العراق ملايين الضحايا واهدر الموارد والفرص  ومايزال ،ولم يدر حوار عقلاني بناء بين  التيار العلماني والتيار الاسلامي ينهي الشكوك المتبادلة ويضع حدا لصراع فكري -ايديولوجي -سياسي استنزف المجتمع والدولة ،  وقسّم الجمهور وانهك العقول حد اليأس ،وبقي كل تيار يتحين الفرصة لتاكيد هيمنته وغلبته بدعوى انه الاصح والاقرب الى مصالح الشعب والدولة . ان استمرار الاستقطاب الثنائي والقطيعة بين التيارين ،وتقدم او تراجع احدهما شعبيا واعلاميا وثقافيا ،لن ينه المشكلة في العراق ،ولايعني انتصارا نهائيا لاحدهما على الاخر ،فالمشكلة عندنا ،تتمظهر بشكل  صراع فكري مفاهيمي ،  صراع مدارس (فلسفية) ومناهج ورؤى ، وهو في جوهره صراع سياسي يستخدم الفكر ونماذجه ويوظف كل الوسائل وادوات القهر الدعائي للفوز بهذه المعركة ، لكن التباعد في الاهداف ليس كبيرا ،والمشتركات كثيرة الى الحد الذي يمكن الاتفاق عليها لعبور محنة طالت كثيرا وتنذر بعواقب خطيرة .فهناك اصول لاينبغي عبورها بحال من الاحوال ،وهي الوطن وسلامته ،والانسان وكرامته ،والسيادة واستحقاقاتها ،والمصالح وضروراتها ،والتنمية الشاملة ومتطلباتها ،والقانون والزاماته ،والمؤسسات وفاعليتها . البناء على المشترك ونبذ الخطاب التبخيسي الدعائي ليس وصفة مؤقتة لعبور مرحلة ،انما هو جزء من مشروع للبناء ينهي خطاب الثنائيات المدمر الذي لم ينتج شيئا ، ليست مشكلة المواطن العادي الان ولا الامس ،من يحكم ؟ ومن يقود ؟ واي شعار يسود ؟ المواطن يريد حرية وخبزا وسكنا وامنا واطمئنانا بالمستقبل ، ونوعية حياة لايحس فيها بالغبن والحرمان النسبي ، من يحقق له ذلك يكون ابن زمانه والاقرب اليه والممثل الحقيقي له .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك