عدنان جواد ||
قول نسب لاحدهم في صدر الاسلام (الصلاة مع علي اقوم والطعام مع معاوية ادسم والجلوس على التل اسلم) هذه الفلسفة قديمة وتعاد في المجتمعات في كل زمان ومكان ، بغض النظر عن معتقدات ذلك المجتمع وتوجهاته وافكاره وانتماءاته، وان نسبة وجودها تختلف من مجتمع الى اخر، وتنتشر دائما في المجتمعات التي تكثر فيها الحروب والصراعات، ويظهر فيها تجار للحروب.
ويضعف فيها الحساب والعقاب، ويغيب فيها النظام، فيختلط فيها الحرام والحلال، والحق والباطل ، والصح والخطأ، فتختلف المفاهيم بين الناس في تقييمها، فيترسخ مفهوم المتفرج الذي يبحث عن ذاته ومصالحه الشخصية بعيدا عن البقية، الذي يلغي الشعور بالمسؤولية تجاه البلاد التي يعيش فيها والعباد الذين يعيش معهم، فاتخذ البعض هذه الفلسفة منهجاً، اي اسلوب ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة، فنجد اصحاب السلطة في العراق اكثر تطبيقا لها على ارض الواقع، وتبعهم مع الاسف الكثير ممن امتهن الاحتيال وسرقة المال العام.
فهم تارة كالناسك في صومعته ، وكالزاهد في زهده ، حين يتطلب الامر موقفا دينياً، كالصلاة وتأدية الطقوس الدينية وعبر القنوات الفضائية، والادعاء التشبث بالرموز الاسلامية كالنبي (صلى الله عليه واله )والامام علي عليه السلام والسير على نهجهم قلبا وجوارحاً ، وحين توزيع المغانم والحصص والسرقات المليارية، نهماً يطلب المزيد، وان حصته لا تناسب ما بذله من خداع واحتيال ، ومخاطرة بالسمعة وماء الوجه.
وحين اندلاع الحرب يتخذون التل مكاناً ، ولما ينجلي غبار المعركة، وقد سقط فيها الشجاع الفقير الذي لا يستطيع توفير قوت يومه، لكنه يرخص نفسه من اجل الاخرين ، ضنا منه انهم سوف يحترمون عياله ولا ينهرونهم، بعد استشهاده ، واصحاب التل عندنا مرة من اصحاب الولاءات للدول الاخرى ، لانهم حاصلين على جنسية تلك الدول ، يهربون الاموال لتلك الدول كما فعل فالح السوداني وايهم السامرائي وحازم الشعلان ومحمد توفيق علاوي و. و.., غيرهم الكثير ، وهؤلاء تحميهم الدول التي ينتمون اليها بجنسيتهم كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا.
وحسب ما منشور في الكوكل في موقع الجزيرة نت ، قول استاذ الاقتصاد في جامعة بغداد ان هناك اكثر من ترليون و 14 مليون دولار هربت من اموال العراق من 2002 الى 2013 لدول غربية وعربية، ودليل سياسة الوقوف على التل الاهمال الواضح للبلد وتركه يعاني الفقر والحرمان والازمات والصراعات، وتدهور في الصحة والتعليم والعمران ، وضعف في الرقابة والحساب والعقاب ، وانتشار الرشوة والمحسوبية ، ففي الجانب الصحي من يملك المال يعالج مريضه ومن لا يملكه ينتظر موته البطيء.
اما في التعليم فانتشار التعليم الاهلي وعجز الحكومي، فيقبل ابن صاحب المال الذي اغلبه مصدره حرام بالجامعات الاهلية وبأفضل الاختصاصات الطبية والهندسية، في حين ابن الفقير الذي امتنع عن اكل الحرام لا يقبل في الجامعات الحكومية الا اذا حصل على معدلات عالية، او يقبل بأخرى تعينها غير مضمون بعد التخرج، اصحاب التل اصبح كل شيء بأيديهم ، يلعبون بمقدرات الناس وارزاقهم، فرفع سعر الصرف الدينار مقابل الدولار جميع الكتل السياسية لها علم وقد قامت بشراء الدولار طيلة فترة المناقشات ، وقد صرح بذلك مصطفى الكاظمي بعد سماعه الادانة والاعتراض من الاحزاب ونوابها في البرلمان على رفع سعر الصرف .
وفي المعاملات في الدوائر الحكومية لا تنجز بدون رشوة الموظف ، الشوارع تركت لحفرها واختناقاتها، تاجروا بكل شيء رديء يدخل الامراض ، والمشكلة الكبيرة ان الكثير من الناس اصبحت مقتنعة ان من سلك طريق الحق وابتعد عن الباطل والحرام كان مخطئا ، عندما يرون هذه الفوارق الطبقية وكيف تحول النكرات الى ذوات بفعل المال الحرام، حتى اصبح شعار تريد ان تعيش محترما في العراق كن سارقاً ، فهي شطارة ومهارة واستغلال للمنصب والسلطة وللسوق .
وايضا سوف يخلد التاريخ الجالسين على التل كما خلد الذين قبلهم، فكتاب التاريخ ليس كلهم منصفين بل اكثرهم وعاظ سلاطين .
لذلك نحتاج اناس صادقين يسلكون طريق واحد اما ابيض او اسود، وليس مرة هنا واخرى هناك ، ورجل هنا واخرى هناك ، ومرة دعاة للإصلاح واخرى دعاة للفساد.
الانتخابات القادمة تتطلب حسن الاختيار، وخاصة من لديه احساس بالمجتمع حاضره ومستقبله ولديه رؤيا واضحة، لتقرير مصيرنا ومصير اجيالنا القادمة، والا فأصحاب التل واسيادهم سوف يبقون البلد يعيش في الفوضى وعدم الاستقرار وهم يتفرجون.
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha