محمد الكعبي ||
دخلت المنطقة بعد عام 2003م، مرحلة تأريخية مفصلية من حيث الصراع والتحولات الكبيرة الداخلية والخارجية، مع صعود تيارات سياسية وسقوط حكومات ، وخروج الشارع العربي من سباته مطالباً بحقوقه, وقد تحقق الكثير منها وان كان مشروع التغيير في بداياته، وقد شهد العقل السياسي العربي تطوراً نسبياً ملحوظاً من خلال تعاطيه مع المتغيرات ومجريات الاحداث وتراكمية التجارب والمواقف التي مرت عليه.
وجود المؤسسات والمنظمات الانسانية والثقافية والسياسية والاجتماعية والمراكز البحثية علامة بارزة على رقي البلد وتطوره، واليوم اصبح النظام المؤسساتي عمود فقري للحكومات والمجتمع في اغلب دول العالم المتقدمة لأنه يرفدهما بما ينفعهما ويطورهما، وتكون عونا للجميع على المستوى المادي والمعنوي، أما في بلداننا فالمسألة تختلف تماماً ، و على الرغم من كثرة المؤسسات والمنظمات إلا إنها لم تحقق المصالح العامة التي من اجلها وجدت، وهذا بسبب مقدمات تحول دون أي تتطور مما أدى إلى اغلاق اغلبها أو تحجيمها، فضلا من مؤسسات وهيئات وجودها على الورق فقط، وبعضها يعمل لمصالح خارجية أو يروج للأفكار الهدامة ويزرع الفتن ويبث الكراهية والفرقة بين ابناء البلد الواحد، وهذا بسبب ضعف القوانين الحكومية وعدم وجود رقابة حقيقية وضعف المتابعة لضبط نشاط تلك المنظمات والمؤسسات ومراقبتها ومعرفة برامجها و مصادر تمويلها.
هناك اسباب تحول دون استمرار عمل المؤسسات وقد تؤدي إلى فشلها، سنحاول أن نسلط الضوء على بعضها، وتتنوع الاسباب إلى ثلاث اقسام، قسم يتعلق بالحكومة وقوانينها واجراءاتها الرقابية والتي تضبط حركة ونشاط تلك المؤسسات، وقسم يتعلق بالمجتمع وتعاطيه مع المنظمات والمؤسسات، وقسم يتعلق بالمؤسسة والعاملين فيها، وفي مقالنا هذا سنسلط الضوء على اسباب فشل المؤسسات دون التطرق إلى الاسباب الحكومية والمجتمعية، ومن تلك الاسباب:
* خلل في المنهاج والسلوك عند المؤسسين والعاملين، وعدم وجود خطة عمل واضحة وحقيقية. * الاستجابة لقناعات موظفي المؤسسة وتهميش رغبات الجمهور.
* فقدان الرؤية المستقبلية، وضبابية الهدف وعدم انسجامه مع الحاجات وقد يكون غير واقعي.
* عدم الثقة بالنفس وعدم الايمان بالقدرات وفقدان الرغبة عند المدير أو العاملين في التطور.
* يعيش اغلب مدراء المؤسسات والمراكز وَهم الافضلية والعبقرية وتقمص دور الشخصية الخارقة والعيش في قبة وهمية من الخيال، وهذا الغرور الوهمي يشكل نسبة كبيرة من اسباب الفشل.
* عدم اشباع رغبات الجمهور وفقدان حالة التفاعل مع الناس، من حيث النوع والكم، و عدم ترويج النشاطات المناسبة بالمكان والزمان المناسب ، عدم وضع سقوف زمنية للنشاطات والعمل واغفال تحديد الاولويات.
* استغلال المؤسسة للمصالح الشخصية، وعدم استثمار العلاقات العامة والخاصة بالشكل الصحيح و الجهل بالقوانين الصادرة من الجهات المختصة يدخل المؤسسة بمشاكل كبيرة قد تؤدي إلى الفشل.
* ضعف التخطيط وقصر النظر، وعدم وجود دراسة موضوعية جادة تتبنى رسم خطة عمل علمية صحيحة، وفقدان الموقع الجغرافي المناسب والمهم والحيوي للمؤسسة من حيث سهولة الوصول إليها.
* ضعف السيولة المالية أو انقطاعها، حيث يعيش أغلب مسؤولو المؤسسات والمنظمات عوز مالي، أو يعيش بعض المدراء حالة البخل والانانية والتسلط نتيجة ما عانوه في حياتهم السابقة، مما كان لها الأثر الكبير على سير العمل والعاملين.
* قلة الخبرة وضعف المنتج الثقافي وعدم التوازن بين المنجز وتطلعات المجتمع، من حيث المستوى والرغبات.
* غياب المرونة والقرارات الخاطئة والمتشددة، أو اصدار قرارات ارتجالية غير مدروسة.
* عدم التجديد، وعدم مواكبة التقدم العلمي والسياسي والاجتماعي والثقافي مما جعل اغلب المؤسسات تعيش العزلة والانطوائية والانغلاق الفكري والمجتمعي.
* الاعتماد على التسويق الكمي وليس النوعي وهذا نتيجة عدم وجود برامج تسويقية متطورة تلبي حاجات الناس.
* أدخال المؤسسة في صراعات جانبية مما يجعلها تعيش التراجع بعيداً عن وضيفتها المنشودة، أن المنافسة في التطور والعطاء علامة جيدة وعامل تحفيز وتطوير للعمل، لكن ما موجود اليوم هو تنافس صفري.
* إبعاد الكفاءات والاعتماد على الكادر الموجود وان كان غير كفوء، وعدم الاعتراف بالأخطاء، والتمسك بالآراء والافكار الغير صحيحة.
* اهمال عامل التحفيز والتشجيع للعاملين، أو مصادرة جهودهم وهذا مع الاسف موجود في اغلب المؤسسات والمنظمات، و ضعف الكادر ، أو قلة عدد العاملين بحيث لا يتناسب مع التحديات الكبيرة، وتفويت الفرص والهروب من المسؤولية واهمال نقاط القوة و عدم العمل على تقوية نقاط الضعف، من عوامل فشل المؤسسات.
* اعتماد التمويل والدعم على حزب أو شخصيات محددة مما يجعل المؤسسة خاضعه لهم بكل تفاصيلها ويفقدها السعة والحرية ويجعلها عرضة للاتهام ويفقدها شعبيتها وتكون محكومة بخط واحد لا تخرج عنه.
* وجود قيادة غير كفوءة، وقد يكون الفاشل هو صاحب المؤسسة أو من يمولها وهذه هي الطامة الكبرى.
بقاء الاشخاص الفاشلين على راس الهرم المؤسساتي من الاخطاء الكارثية والتي مازالت تعاني منها مؤسساتنا لأنها لا تملك الشجاعة والجرأة على التغيير والتبديل والتجديد، والتمسك بفكرة (أحسن منه لايوجد)، أن الفكرة الناجحة تحتاج إلى من يروج لها من حيث السعة والسرعة والتكرار والاسلوب والاستمرار والتجديد وكسب ثقة الجمهور، ونطمح أن يرتقي اصحاب المؤسسات بعملهم و الاستفادة من تجارب وأفكار الاخرين والاستعانة بمناهج وخبرات عالمية وزيادة الدورات والورشات التنموية والتطويرية لترتقي بمستوى اداء الكوادر العاملة وعلى جميع المستويات لمؤسساتنا، واتمنى من اصحاب الشأن أخذ ما ذكرنا على محمل الجد، عسى ان تكون عندنا مؤسسات ومراكز ناجحة ترفد المجتمع والحكومة بكل ما ينفع وأن تؤدي دورها بشكل ممتاز.
ـــــ
https://telegram.me/buratha