حسين فلسطين ||
شكّل رحيل الرئيس الأمريكي( دونالد ترمب ) عن دفة قيادة الولايات المتحدة الأمريكية تناقضات كبيرة بالنسبة لكثير من الأنظمة في العالم، ويعد الشرق الأوسط الأكثر تأثراً بخلع دكتاتور البيت الأبيض، فمن بين تلك الأنظمة تعد هزيمته انتصاراً قد لا يتكرر في الوقت الذي يرى الفريق الآخر أنها تهديداً لأنظمتهم المبنية على أساس التوارث العائلي .
أبرز الدول التي رفعت راية الانتصار دون التعويل على من يخلف (ترامب) هي الجمهورية الإسلامية في إيران ودول الممانعة والمقاومة للمشروع الصهيوهابي ، إذ شكلت فترة تولي الرئيس السابق لأمريكا تحدياً تأريخياً كبيراً اقترب إلى مرحلة وجود أو اللاوجود !!
فما بدأ به (ترامب) أولى أيام ولايته المشؤومة شكل تهديداً واضحاً لأمن وسلامة شعوب بأكملها،ففرض الحصار الاقتصادي وشن الضربات العسكرية ودعم المنظمات الإرهابية والصهيونية كانت من أبرز السياسات المتبعة من قبله مع دول المحور، ولعل خطوته الرعناء باستهداف قادة الانتصار الشهيدين سليماني والمهندس الخطوة الأخطر التي هددت كيان الولايات المتحدة ، إذ اعتبر اصحاب القرار الأمريكي أن هذه الخطوة جعلت من ايران وفصائل المقاومة أكثر قوةً من أي وقت مضى على الرغم من الخسارة المادية الكبيرة التي خلفها رحيل القائدين .
من هنا بدأ رهان دول الممانعة وتحديها بسقوط (ترمب) أكثر قرباً للتحقق، فلم يفصل بين حادثة جريمة المطار و اشتعال الوضع الداخلي في كثير من الولايات الأمريكية على خلفية قتل الشرطة (جورج فلويد)إلا أسابيع قليلة ، إذ شكلت هذه الحادثة اضطرابات لم تشهدها أمريكا فأضرت كثيراً بالوضع الداخلي والخارجي لها رغم حملة الاسعافات التي قدمتها دول خليجية كانت ترى فيه أمل البقاء لأطول فترة ممكنة بعد أن أيقنوا خواء عروشهم.
الكيان السعودي والإمارات والبحرين وتركيا والكيان الصهيوني أبرز الأنظمة التي دعمت ترامب خلال فترة رئاسته؛ بل انها ذهبت إلی أبعد من ذلك إذ دعمت توجهاته الرامية للحصول على ولاية ثانية دعما ماديا ومعنويا.
فمن مليارات محمد بن سلمان وآل زايد إلى تطبيعهم مع الكيان الإسرائيلي واعترافهم بالقدس المحتلة عاصمة لما تسمى بـ"دولة اسرائيل"كما الاعتراف أيضاً بسيادتها على مرتفعات الجولان السورية، ونقل السفارة الأمريكية في الكيان من تل أبيب إلى القدس، ودعم سياسة الضم والاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة.
مقابل كل الخدمات التي قدمتها تلك الأنظمة ظل العراق "صندوق" خراج" وساحة طموح جيوساسية تتمناه دول المحور الأمريكي ، فمعالجة بعض الملفات داخل العراق كفيل بتأمين وتحقيق طموحات تلك الدول، إذ شكل ملف الحشد الشعبي أكثر الملفات الحساسة التي يجب أن تتولى أمرها واشنطن إذ لا يمكن القبول بغير حلّه وهيكلتهِ وتصفية قادته الذين قادوا معارك التحرير مع تنظيم "داعش السعودي" إضافة لممارسة الضغوط اتجاه العراق واستغلال التظاهرات للمجيء بحكومات ضعيفة ترضخ للأملاءات الخارجية تمهد لمرحلة تخلو من التمثيل الشيعي الحقيقي !
كل ما خططت له تلك الأنظمة لم ينته بهزيمة ( ترامب )؛ بل بخلعه واحتمالية ملاحقته قانونياً تتبناها جهات خارج وداخل امريكيا ،كذلك فإن فرصة استخدام الحكمة والتهدئة لمن يخلفه باتت فرض عين خصوصاً وان أي انتهاج لمثل سياسته يعني مواجهة المصير نفسه، مما يعني مزيدا من الانكسار والهزائم لواشنطن. فتكرار استهداف القواعد الأمريكية أسهل من أي وقت مضى وربما سيكون الرد أقوى من الضربات المذلة التي تلقتها كبرى القواعد الأمريكية في عين الأسد.
نعم فإن سقوط طاغية البيت الأبيض انكسارٌ امريكي لم يسبق له مثيل ،وهو في الوقت نفسه انتصار حققته دول المقاومة خُطَّ بدماء القادة الشهداء لتكون الشعوب المستضعفة هي الرابح الأكبر في هذه المرحلة وأية مرحلة ينتهج فيها الأمريكان والصهاينة وحلفاؤهم وأذرعهم من الوهابيين البعثيين الأسلوب ذاته والسلوك "الترامبي" عينه.
https://telegram.me/buratha