بهاء الخزعلي||
كشفت أحداث الكونغرس قبل يومين الوجه الحقيقي لما تتغنى به حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة من مبادئ كالديموقراطية وحقوق الأنسان و أصبح الأمر واضح للعيان ما هي حقيقة تلك الحكومات.
بالأمس القريب زعم الديمقراطيون أن الانتخابات غير نزيه بسبب تدخل الروس بها، واليوم ترامب يقنع الجمهوريين بأن الانتخابات الرئاسية الحالية غير نزيهة، وعلى الرغم من أن الفرضيتان لم يتم أثباتهما الا أن ذلك مؤشر خطير يكشف هشاشة المنظومة الأميركية بكاملها.
قد يرى مراقبون أن خوف ترامب من الخسارة هو أنه سيخسر حصانته وبالتالي قد يقاضا على دعاوى مالية وضريبية هو وعائلته،والبعض يرى أن ما أقدم عليه ترامب هو بمثابة الأنتحار السياسي، لكن ما يمتلكه ترامب اليوم من أنصار يصل عددهم ٧٣ مليون مواطن، و هم يسيطرون على ١٨ ولاية في العمق الأميركي، ومستعدين للذهاب إلى الموت من أجله، وبما أن ترامب لم يكن جمهوريا من الأساس أنما تبناه الجمهوريين، وبعد ما تخلى أغلبهم عنه في هذه الأيام قد يدفعه لتسليم السلطة بشكل سلمي ويتجه بأتجاه تأسيس حزبا ثالثا في الولايات المتحدة.
اما بالنسبة للهجوم الذي حصل من أنصار ترامب على (الكابيتول) بدعوة منه أشبه بالفوضى الخلاقة لكن هذه المرة في الداخل الإميركي، فمناصري ترامب العنصريين الذين لا يتقبلون الخسارة ليسوا مواطنين طبيعيين، فأغلبهم من الذين شاركوا في الحروب العنصرية على العراق وأفغانستان.
ومن أبرزهم حركة (براود بويز) هذه الحركة التي ترفض أن تتشارك العيش مع من هم ليسوا من دينهم او لونهم، وذلك قد يؤدي إلى أستمرار الأنقسام البنيوي وتفاقمه حتى في حال تسليم ترامب السلطة بشكل رسمي وقانوني لبايدن، وقد تصدر تلك التظاهرات الى أوربا كفرنسا وبريطانيا او حتى ألمانيا و قد يعمل على أستغلالها الأحزاب اليمينية في تلك الدول.
أما بايدن فهو مطالب بأعادة الصورة الجميلة التي كانت تصدرها الولايات المتحدة عن نفسها الى العالم،فالإرث الثقيل الذي تركه ترامب لبايدن من خلال سياسته الخارجية وعدم الوفاء بالوعود وفرض العقوبات وتجاهل المعاهدات.
ليس مع الجمهورية الإسلامية فقط في ما يخص الملف النووي،لا بل مثلا أتفاقية المناخ العالمية،الأتفاق النووي مع روسيا،الأتفاق التجاري مع الصين،حذف ميزانية الأنوروا للفلسطينيين،كذلك حذف ميزانية منظمة الصحة العالمية،وحتى المنظمة الدولية للأمم المتحدة،ونقضه المعاهدة الدولية لموضوع القدس الشريف والضفة الغربية والجولان، كل هذا قد يجعل الولايات المتحدة في السنة الأولى من ولاية بايدن قد تقدم تنازلات كبيرة.
ناهيك عن الإجراءات التي قد تتخذها الدول المعادية الى الولايات المتحدة فهذه الفرصة قد لا تعوض بالنسبة لهم، ربما نرى أرتفاع سقف الشروط من الجمهورية الإسلامية في حال طلبة الولايات المتحدة الأميركية العودة الى الأتفاق النووي (٥+١)، قد تطالب الجمهورية الإسلامية بإلغاء العقوبات والاستمرار ببرنامجها لتطوير الصواريخ وحتى قد تطالب برفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى أكثر من ٢٠% بما يوافق حاجتها المدنية.
كذلك الصين التي توعدت الولايات المتحدة بأنها ستدفع ثمنا باهظا اذا وصلت سفيرتها لدى الامم المتحدة (كيلي كرافت) الى تايوان في بيان صادر عن البعثة الصينية لدى الأمم المتحدة، و مع التسراع الملحوظ في الأقتصاد الصيني على الصعيد العالمي، وبالأضافة الى ذلك تطويرها عملة (اليوان الذهبي) الجديدة كبديل للدولار وقد تفعلها خلال السنوات الثلاث المقبلة، قد تجعل من المصالح الأميركي في منطقتي آسيا والشرق الأوسط تحت التهديد.
كذلك ما جاء في صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية بأن ما حصل في الكابيتول في واشنطن قد يحدث في الكنسيت الإسرائيلي، خصوصا مع موجة التظاهرات المتكررة ضد نتنياهو، قد يعتبر مؤشر الى أن أفضل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة تحت التهديد بالفعل،كما أن أحساس الكيان الصهيوني بخطر التهديد الوجودي لها في المنطقة، أرتفع مع ملاحظة أرتفاع مستوى قدرة محور المقاومة وإيران قد يجعلها تمارس نوع من الضغط على حكومة بايدن لتطمينها على مستقبلها.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة سعت وباركة الإجتماع الخليجي في (حظيظ العلا)، و أوجدت حلفاء للكيان الصهيوني بشكل علني في المنطقة كرسائل إطمئنان للكيان الصهيوني، الا أن المشهد الداخلي قد ينعكس على المشهد الخارجي أذا ما شهدنا أحداث عنف جديدة في يوم ٢٠ يناير أثناء تسلم جو بايدن الرئاسة بشكل رسمي.
https://telegram.me/buratha