عمر ناصر *||
تختلف التوجهات السياسية والفكرية بشكل عام في النظرة الدقيقة تجاه المال الذي يعتبر عصب وديمومة جميع المجتمعات ، وقد يعتقد البعض بأنه البوابة الرئيسية لتحقيق المكتسبات الاقتصادية او السلطوية بينما يعتبرهُ أخرون في الواقع هو تلك الاداة المناسبة التي تساهم في تغيير كل نواحي الحياة والمجتمعات البروليتارية منها البرجوازية والارستقراطية وبقية الطبقات المجتمعيه الاخرى.
لم يعد العالم يفكر بنفس تلك الطريقه الكلاسيكية في إدارة وتحريك الاموال التي كان يفكر بها ابان الحربين العالميتين الاولى والثانية، ولم يعد ميدان رؤوس الاموال محصوراً ضمن التجارة والصناعة وبقية نواحي الاقتصاد الاخرى ، بل تعدى ذلك حتى بدأ يأخذ حيزاً اكبر وبدأ يتسع دوره ليأخذ مساحات اوسع في مراكز صنع القرار السياسي .
وان جميع التجارب الناجحة للدول المتحضرة كفيلة بأن تكون هي العنوان الابرز للطموح الذي يجب أن يتصدر عناوين ابرز القرارات المصيرية في تلك الدول التي عانت من ويلات الحروب الطاحنة والمشاكل الداخليه الغبية، سياسية كانت ام اقتصادية والتي بدورها هددت الامن والسلم الاهلي والمجتمعي المتشظيين سلفاً.
هنا لابد من التوقف والتعريج قليلاً على بعض النقاط الحيويه في هذا الموضوع والاشارة الى ان المال والسياسة هما عنصران زواجهما أشبه مايكون زواجاً كاثوليكياً لا انفصال وبمعنى لايتخلى بعضهما عن الاخر بشتى الظروف ، وان السياسة بلا مال هي سياسة عرجاء لاتستند على اسس متينه وكذلك المال الذي لاتُسخر لادارته أيدلوجية وحنكة سياسية تخطط له طبيعة تحركاته هو مال ليس لديه غطاء وليست عليه حمايه ، والحجز على اموال بعض السياسيين من قبل الدول الكبرى خير دليل على ماذكر اعلاه.
تعاني بعض الدول ذات الديموقراطية الحديثة من هيمنة المال السياسي الفاسد وزجه بقوة في شراء ذمم البعض من المحسوبين على السياسيين هناك لغرض تسخيره لمصالح فردية او حزبية، قد تصل الى نقطة يستطيع اي باحث او من هو مهتم في الشأن السياسي ان يتكهن بما ستؤول اليها الامور والنتائج المتوقعة في حال عدم تسّيد المال على بعض القرارات المصيرية لتلك البلدان.
ما اود الوصول اليه إن عدم وجود مركزية في ادارة الدولة في ظل عدم وجود ارادة سياسية حقيقية وجادة ورمي كرة المسؤولية في ساحة الاخر ، جعل ألمال السياسي هو اللاعب الاقوى في ملعب لايوجد داخله الا الجمهور ولايملك من الامكانيات الا اعمدة الهدف وشباكه المتهرئه...
· عمر ناصر /كاتب وباحث في الشأن السياسي/السويد
https://telegram.me/buratha