بهاء الخزعلي||
أول زيارة خارجية لرئيس مجلس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، بدعوة رسمية من نظيره في مجلس الدوما الروسي، حاملا رسالة من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي(دام ظله) الى الرئيس الروسي بوتن، لأعادة تنظيم العلاقات الروسية الإيرانية بشكلها الجديد وفق أطر متعددة ومحددة.
أبرزها طمأنة الروس بأن العلاقة بين روسيا وإيران لن تتأثر بتطور الظروف العالمية، وأكد قاليباف أن فصل جديد بين العلاقات الروسية الإيرانية سوف يبدأ ومن خارطة الطريق نحو الشرق.
وتعتبر تلك الرسالة الإيرانية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة بمثابة التأكيد على إستمرار العلاقة بين روسيا وإيران، وأن أي تغيير محتمل في العلاقة الإيرانية الأميركية في مجال الملف النووي أو غيره لن يغير الرؤية الأيرانية أتجاه حلفائها (روسيا والصين).
كذلك هذه الرسالة تعتبر بمثابة تنسيق واضح بإعادة التموضع بين روسيا وإيران والصين، لمقابلة التنسيق الحاصل بين دول أوربا والولايات المتحدة للتعاطي بموضوع الملف النووي، وتعتبر تلك الخطوة بمثابة إعلان البناء على المشترك بين إيران والصين وروسيا، في التعاطي مع الدول الغربية التي لم تفي بوعودها بأتجاه الأتفاق النووي.
وبما أن الصين وروسيا لديهما خطابان مختلفان عن الدول الغربية، وسياساتهما أتجاه أيران مختلفه بالكامل قد يساعد ذلك إيران في المفاوضات النووي أن قررت الولايات المتحدة العودة للإتفاق، كذلك تدل تلك الرسالة على تأكيد إيران على أمكانية التوجه بأطار أكثر إستراتيجية من الإطار العام بين البلدين، لأن كلا البلدين روسيا وإيران تعاملاتا سابقا في الشرق الأوسط وغرب آسيا و في الملف النووي، وتعرضتا لضغوط غربية وعقوبات أمريكية بالتالي هناك مصلحة مشتركة يراد أن يبنى عليها لترسيخ هذه العلاقة بين البلدين.
وبعد أن أثبتت عقوبات الضغط القصوى فشلها أتجاه إيران وكذلك روسيا، فمن الطبيعي أن يذهب الطرفان بأتجاه مواقف مشتركة وربما الصين أيضا، خصوصا أن تلك الدول الثلاث لديهم علاقات إقتصادية جيدة، وقد تكون هذه خطوة نحو وضع خطة إستباقية للتخلص من الضغوطات الغربية في حال عادت الولايات المتحدة الى الأتفاق النووي أو لم تعد.
كما أن روسيا مدينة لإيران بعودتها الى الواجهة العالمية من خلال الحرب في سوريا، وذلك بعدما أقنع الشهيد الجنرال قاسم سليماني الرئيس الروسي بوتن للتدخل في سوريا، أضف الى ذلك كلا البلدين لديهم مصالح مشتركة وقوية بالحفاظ على وحدة سوريا والقضاء على الإرهاب فيها، كما أن حملة حرب طرد السفراء الروس من أوربا يظهر مدى أنكفاء الدول الأوربية أمام الإرادة الأميركية، وبذلك تظهر لنا تقاطع مصالح بين روسيا وإيران بالتعاطي مع ملفات كثيرة مختلفة.
أضف الى ذلك أن تأكيد بايدن في خطابه الأسبوع الماضي بأنه لا ينظر بعين الرضا والمحبة الى الروس، كذلك التحركات الأميركية والأوربية بما يتعلق بالأتفاق النووي لا تشير ألى نية صادقة للعودة الى الأتفاق النووي، فالجانب الإميركي يريد من إيران أن تتخذ الخطوة الأولى في حين الولايات المتحدة هي من أنسحبت من الأتفاق النووي.
كما أن الدول الأوربية تتهم إيران بأنها هي من تخرق ذلك الأتفاق، وفي هذه الأجواء الغربية المريبة تتجه إيران نحو خطة رص الصفوف بينها وبين روسيا، كلاعب دولي من جهة ولاعب إقليمي من جهة أخرى، لمواجهة أوقات صعبة بدأت تظهر بوادرها على خلفية قضايا عدة أهمها التظاهرات في موسكو طرد الدبلوماسيين الأوربيين الأتهامات الأوربية لإيران.
وفي حال تمت المناورات الثلاثية بين روسيا والصين وإيران في المحيط الهندي منتصف الشهر الحالي، قد تنضم الصين لتلك الرؤية المشتركة وقد نشهد تبعات هذا التعاون على الساحة السورية لاحقا، ويعتبر ذلك بمثابة المعادلة الحاكمة للتحرك الجديد لإيران وحلفائها، و إلا لما أرسل المرشد الأعلى رسالة تطمينية لبوتن، فالتطمين من الممكن أن يرسل عبر تصريح صحفي أو لقاء تلفزيوني، أما رسالة من المرشد الأعلى بيد رئيس البرلمان الأيراني لرئيس روسيا فأن الأمر له مستوى إستراتيجي عالي واضح للعيان.
https://telegram.me/buratha