محمد الكعبي ||
تعيش بعض دول المنطقة حالة من تهميش الكفاءات وتقريب المسافات لكل انتهازي متملق مع انفلات السلاح وفقدان الخطط الجادة لبناء دولة القانون وتهديد الاصوات الوطنية المنادية بالاصلاح، مع ارتفاع صوت البندقية والذي ازعج الجميع، فضلا عن التدخلات الخارجية والتي أربكت وازمت المشهد، مما يجعلنا امام مرحلة تأريخية حرجة إن لم نخرج منها منتصرين فلن تقوم لنا قائمة، فلابد من النهوض بالمسؤولية الوطنية من خلال بناء مجتمع متعلم يحترم وجوده.
يحاول البعض فك العقد الاجتماعي بين ابناء الامة الواحدة من خلال بث الفتن والاحقاد ليُدخلوا الناس في دوامة الصراع والنزاع، وتأسيس حكومة المحاصصة التي ارهقت المجتمع، ينبغي التصدي لهكذا مشاريع خبيثة والتي تحتاج منا إلى وعي وتحكيم لغة العقل والحوار وترسيخ مفهوم التعايش السلمي تحت مضلة القانون وتفعيل المشتركات من أرض وتأريخ ودين وثقافة ولغة، وينبغي تفعيل دور المصلحين والعقلاء و العلم ونبذ الجهل والتعصب الاعمى، وبث روح التسامح وعدم الاستماع لدعاة الفتنة، وعلينا تقبل الاخر وإن أختلف معنا، فالحوار والجدال بالتيهي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى بر الامان.
الاحزاب والتيارات السياسية الحالية التي تتحكم بالمشهد السياسي بقوة السلاح والمال والرجال في حالة احتضار وموت سريري وسيأتي من يسحقها، وان نجمها نحو الافول، وستتشضى وتتقزم، وستتقاتل في ما بينها حتى تنتهي ولا يبقى منها سوى الاسم، ولكل بلد حيثياته وظروفه ومتغيراته الخاصة والتي تتحكم به حسب تعاطيه معها، مثلا العراق سيشهد متغيرات كبيرة وأنحسار لدور الاحزاب خلال مدة لا تتجاوزعام ٢٠٢8م تقريباً، بسبب احتكارها للسلطة وعدم مشاركتها الاخرين في رسم مستقبل البلد، وتعاملها بعقلية الاقصاء، ولاتعيش روح الفريق الواحد ولاتهتم بالمشاركة والبناء، بل أدخلوا انفسهم والبلد بإطار يصعب الخروج منه، وعدم استطاعتهم تقديم نموذج الدولة العصرية، فضلا عن فشلهم في أدارتها.
تعتقد بعض الاحزاب أنها تمتلك نصف آلهة مقدسة تحصنها من الانهيار والتراجع، وبعضها لا يملك أي مشروع سياسي أو رؤية واضحة بل المحاصصة والولاء للخارج وتقسيم المناصب حسب الولاءات والانتماءات مما عمق جذور الاختلاف والصراع وتسليط غير الاكفاء على مناصب حساسة مما ادى إلى فقدان هيبة الدولة وضياع خيراتها واستشراء الفساد في مفاصلها، اما اذا ارادت تلك الاحزاب تفادي السقوط فينبغي عليها مراجعة وتحديث برامجها، وتتصالح مع ذاتها، وتبدأ بتغيير مناهجها وشخصياتها المترهلة وتفكر بعقلية بناء وطن، وتشارك الناس همومهم وحاجاتهم وتتخلى عن عرشها الورقي الذي يحترق بعود ثقاب صغير، وانشطار الاحزاب أو تاسيس احزاب (ظل) ليس حلاً بل يؤزم الامر ويزيد الفجوة بين المجتمع والاحزاب.
على الجميع ان يقرأ التاريخ بتمعن ليعي الدرس ولا يعيش وهم القداسة وفيما إذا كان يملك نصف آلهة، فالنصف الترابي سيكشف الزيف ويزيح الستار، ويظهر العورات ويسقط الآلهة , التأريخ والاجيال لاترحم.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha