حسين فلسطين ||
· العامل الصهيوني في تحديد الأيديولوجيا الهجين لحزب البعث
يُعد حزب البعث في العراق حالة استثنائية غريبة ومعقدة بعض الشيئ خصوصاً اذا ما حاولنا تصنيفه من حيث الأيديولوجية والسلوك آخذين بنظر الاعتبار التحولات الارتدادية التي نقلت الحزب من وإلى ما يناقض شعاراته وظاهر ما يتبناه .
حالة التعقيد الملموسة في حزب البعث لم تكن صناعة محلية ابداً فالعامل الصهيوني فيه كان اكثر تأثيراً وتمييزاً من ايّ عامل اخر خصوصاً واننا نعلم الدور الامريكي_الإسرائيلي الكبير في صناعة و تهيئة الحزب ودعمه وأسناده كأداة لضرب الخصوم تارة وتشتيت الشعوب العربية تارةً أخرى فجميع ما تبناه الحزب من قضايا الآمتين العربية والإسلامية كان ذو مردود سلبي اضر كثيراً قضايا الشعوب المستضعفة وجعلها مصدر لنشر الحروب والمشاكل ، فبداية الحزب الشاذة كانت خطوة لأيقاف الاستقرار والبناء النسبي الذي شهده العراق في الفترة التي حكم فيها الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم الذي بدأ بخطوات أوقفت طائفية من سبقوه اضافة الى وضع الحجر الأساس لأغلب البنى التحتية الشاخصة إلى يومنا هذا كما أنه وضع أسس رصينة لبناء العلاقات الخارجية وصولاً إلى التعامل مع مسألة الكويت التي تعامل معها قاسم بوطنية عالية بعيداً عن التأثير الخارجي والشعارات الفارغة .
طائفية البعث كانت من ضمن متبنياته في التعامل سواء داخل تنظيماته او من خلال التعامل مع ملفات الداخل العراقي اضافة الى الخارج ، فتنظيمياً اصرت قيادة الحزب على اهانة وتحقير قياداته المحسوبين على الشيعة بشكل مستمر ففي أغلب الاجتماعات يشار إليهم ب" الروافض " على الرغم من ولائهم الحزبي الذي ينسجم مع انحراف وعمالة القيادة .
أن رفع البعثيين لشعارات قومية لم تكن الاّ شعارات فارغة المحتوى وتمثل نفاقاً سياسياً واضحاً و ورقة لكسب عاطفة الشعوب العربية والإسلامية التي كانت تكن العداء للصهيونية العالمية خصوصا فيما يتعلق باحتلال الإسرائيليين الأراضي العربية بتواطئ زعامات وجهات عربية حاكمة في مقدمتها بعث العراق وسلطات الكيان السعودي من خلال إيجاد البيئة الملائمة للتوسع الصهيوني في الوطن العربي فألاعتراف السعودي بأحقية اليهود الصهاينة بفلسطين وإثارة البعث لحروب مع أعداء الكيان الإسرائيلي مهد لقيام "إسرائيل الكبرى" !
أن حقيقة البعث تأتي من خلال متابعة سلوكه على مدى أكثر من ستة عقود سواء داخل السلطة او خارجها فجميع تحركاته تخدم قوى الاستعمار في ارضاخ الشعوب العربية والإسلامية وافقارها وانه حزب طائفي موجه تم إعداده وتهيئته لضرب المكون الشيعي في العراق ودول الجوار ، وهو اكثر من أجاد استخدام الضد النوعي لأبادة الشيعة من خلال استغلال شواذ المجتمع الجنوبي والمرتزقة المحسوبين عليهم لتنفيذ مهام و واجبات الحزب التي ترتكز على إقصائهم وتصفيتهم واحلال العوز والفقر فيهم.
ويبدو أن ظهور الوجه الطائفي للبعثيين أصبح اكثر وضوحاً من خلال القمع الطائفي لملايين الشيعة ما قبل عام ٢٠٠٣ واستمرار الحال حتى بعد سقوطه بتحالفه المعلن والصريح مع التنظيمات الإرهابية كالقاعدة والجيش الإسلامي والنصرة وداعش فمن بين كل افرع التنظيمات الإرهابية شكل فرع العراق اختلاف كبير من حيث الهيكل التنظيمي لداعش على سبيل المثال سواء على مستوى الأفراد أو القيادات إذ غلب العنصر البعثي على اهم عناصر التنظيم الأخرى ، لذلك من غير الممكن اعتبار التقاء الضباط البعثيين السابقين مع قيادات داعش بأنه التقاء مصالح وإطار تحالفي في ظل وجود قاعدة انطلاق عقائدية وسياسية مشتركة بين الاتجاهين وإن ما حدث سابقا مجرد تبادل أدوار وفقا للمصالح العليا للكيان الإسرائيلي الذي أجاد لعب الورقة البعثوهابية .
ظاهرياً يبدو تلاقي البعثيين بالإيديولوجية الإسلامية السنية المتطرفة عندما أطلق الطاغية صدام الحملة الإيمانية والتي أشرف عليها علماء سنة متشددين بالتعاون مع الأردن وبرسم مخابراتي اسرائيلي وبقيادة المقبور عزة الدوري ، أما حقيقة الأمر فكما أشرنا في بداية المقال أن اللون السني كان طاغياً على فكر وسلوك البعث منذ أول يوم تأسيسه لذلك فإن تطوع الطاغية لشن الحرب على الجمهورية الاسلامية كان من منطلق عقائدي متطرف معادي للثورة الإسلامية الشيعية وليس ضد إيران الجغرافية بل ان النظام البعثي ذهب لما هو أبعد من ذلك عندما تعاون مع السلطات السعودية والكيان الصهيوني في قضية تصفية طلبة العلم في حوزة النجف الاشرف من الخليج ولبنان والجزائر ومصر والهند وأفغانستان قبالة تنمية الخط السني المتشدد والاهتمام به والتي بالمقابل تمثل تقوية للاطراف السنية المتشددة التي خدمت ولا زالت تخدم الكيان الإسرائيلي في المنطقة والعالم.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha