عدنان جواد ||
في التاريخ الحديث جرب الشعب العراقي اكثر من نظام حكم، فمنها الملكي، والجمهوري، والدكتاتوري، واخرها ما معمول به بعد عام 2003 النظام الديمقراطي، والذي يجعل السلطة بيد الشعب، وعبر صناديق الاقتراع، حسب ما معمول به في الدول الديمقراطية، ولكن الذي حدث في العراق فقدان الشعب الثقة بالديمقراطية، بعد ان جلبت وعن طريق الانتخابات نظام مكوناتي يوزع الحصص لقادة الاحزاب بعيدا عن الشعب، وفشل الحكومات المتعاقبة في توفير الخدمات، وانتشار الفساد المالي والاداري، وعدم توفير ابسط احتياجات الانسان كالماء والكهرباء، وانتشار الرشوة والتزوير، وخاصة ما يخص تزوير الانتخابات، والفشل الدائم في ايجاد الحلول للمشاكل المستعصية، والكذب المستمر لقادة الديمقراطية على الشعب، فبرغم الدعم الدولي ودعم المرجعية في كتابة الدستور واجراء الانتخابات البرلمانية بمشاركة الشعب في اتخاذ القرار، لكن القادة مع الاسف واغلبهم كانوا معارضين للنظام الدكتاتوري ، سلكوا منهج الاستحواذ ولا زالوا يفكرون بعقلية المعارضة، كل همهم الشخص والحزب وكيفية استغلال السلطة ومزاياها في زيادة دخل الحزب وقادته، وامتلاك العقارات والشركات والمصارف.
وان عدم الثقة بأصحاب السلطة ووعودهم اصبحت السمة الواضحة لأغلب الشعب العراقي، فلم يتركوا جانباً من جوانب الحياة لم يكذبوا فيها، فالدول تقوم على ثلاثة اسس ، الجانب الامني والاقتصادي والديمقراطي، فالأمني وصل الى الانهيار لولا دعم ايران وفتوى المرجعية الرشيدة وتضحية المجاهدين، والاقتصادي على حافة الانهيار رغم اننا دولة غنية تصدر النفط ، وتمتلك كوادر وعقول صناعية، واراضي زراعية خصبة، والنظام الديمقراطي الذي يتسم بالشفافية ومصارحة الناس باي قرار تتخذه الحكومة، ولكن حكوماتنا كانت قراراتها بالتوافق والسرية والمجاملة على حساب الشعب، ولم يكن لها منهج في القضاء على البطالة، وتوفير السكن والدواء والغذاء لشعبها ، ففي كل فترة تخرج الينا بأزمة جديدة، واموال الشعب وثروته تسرق، والطرق والجسور على حالها، مدن تستباح من الدول، وميناء يعطل، والقانون لا ينفذ فقط على البسطاء من الناس، واخر كذبها اللقاح الذي منحته الصين كهدية، ادعت الحكومة انها تعاقدت عليه،
فالقائد الناجح وعبر مراحل التاريخ المختلفة هو من يمتلك الشجاعة في مصارحة شعبه، ويصدق معهم في الضراء والسراء، ويخدمهم بدل أن يتسلط عليهم، ولا نريد ان نغور في التاريخ ونطرح امثلة لقادة صادقين اندفعت شعوبهم خلفهم فحققت الانتصارات في الحروب، والتطور في مجال العلم والمعرفة، ولكن نذكر قادة معاصرين وكيف قادوا شعوبهم ضد التدخلات الدولية والتهديدات والعقوبات ، مثال في ذلك الامام الخميني قدس ، والامام الخامنائي حفظه الله، والسيد حسن نصر الله ، والسيد عبد الملك الحوثي، و شافيز ومادوروا رئيس فنزويلا، لم تستطع الاموال والمغريات وتجنيد العملاء والمخربين من حرف الشعوب من تأييد قادتهم، والسير خلفهم بثقة ودعم منقطع النظير.
لذلك على الطبقة السياسية الحالية الاسراع بكسب ثقة الناس بعد ان فقدت بتوزيع عادل للثروات والخدمات على المحافظات وحسب المحرومية وعدد السكان من اجل بناء وتطوير البلاد، فالعملية الديمقراطية في العراق مهددة بشكل كبير وهذا يرجع لعدم اخلاص قادته السياسيين ونوابه في البرلمان، لذلك فقد الشعب الثقة في المشاركة في الانتخابات والعزوف عن المشاركة فيها، وهذا العزوف سببه هو شعور العازف بعدم جدوى الديمقراطية، وان صوته لا يستطيع ان يغير شيئا مقابل هؤلاء المتحزبين من خلال هيئات ومؤسسات وتجمعات بل نظام قائم على النهب والتخريب بدل الاعمار والتطوير، لا هم لهم الا الفوز في الانتخابات ومصالحها الشخصية، بعيدا عن النظرة الشاملة للبلد بأكمله.
وما نراه كيف استطاع القادة العسكريين في اخماد الفتن في العراق، وكيف استطاع عبد الغني الاسدي من بسط الامن في واسط بعد جمع شيوخ العشائر والمتظاهرين والحكومة المحلية وما هي المطالب للمتظاهرين وكيفية انجازها، وكيف فرض الهدوء في الناصرية بعد تظاهرات كبيرة واستهداف للمقرات الحكومية وعجلات الاجهزة الامنية، ومخاطبة مدراء الدوائر البلدية وتهديدهم بالطرد، وانهم اذا فشلوا في انجاز ما مطلوب منهم ينبغي لهم ترك المهمة للآخرين الاكثر كفاءة منهم، وهذا الاسلوب يبدو انه الانجح في العراق ، فمن امن العقاب اساء الادب، والناس اصبحت تصدق القادة العسكريين وخاصة الذين شاركوا في محاربة داعش، ولا يحترمون ولا يصدقون القادة المدنيين الذين رشحتهم الاحزاب وهذا دليل على فقدان الثقة بالديمقراطية وقادتها السياسية، وكما نعلم هناك شعبية كبيرة للحشد الشعبي وقادته في المحافظات الجنوبية ، فاغلب الشهداء هم من تلك المحافظات، ومن خلال تصدية للإرهاب والانتصار على داعش، وتقديم الخدمات للناس خلال الكوارث كالفيضانات والحرائق وغيرها، فينبغي التحرك على هؤلاء القادة والإستفادة من خبراتهم في إنجاز المشاريع الكبيرة والإشراف على صرف الأموال في مكانها الصحيح.
https://telegram.me/buratha