عدنان جواد ||
زار بابا الفاتيكان العراق ، وتعتبر تلك الزيارة حدث تاريخي كبير لا يستطيع اي احد نكرانه، ولم تحدث مثل تلك الزيارة منذ تأسيس الفاتيكان، والحدث الاهم فيها زيارة المرجع اية الله السيد السيستاني (دام ظله)، فتطابق خطاب البابا مع خطاب المرجع، وهي السلم والسلام والمحبة بدل العدوان، وإدانة انتشار القهر والظلم، والفقر، والاضطهاد الديني، وكبت الحريات، وغياب العدالة، وشن الحروب، وعنف وحصار اقتصادي وتهجير في منطقة الشرق الأوسط العراق وسوريا بالخصوص، التي تمارسها ، وشكر بابا الفاتيكان سماحة السيد لأنه هو وطائفته وقف بوجه الارهاب وحمى الاقليات ومنهم المسيحين، وتلك الزيارة بددت الصورة المرسومة عن الاسلام الارهابي في اذهان الملايين من غير المسلمين، بأن جميع المسلمين إرهابيين ، خصوصا وانه قد اصطحب معه اكثر من 150 وسيلة اعلامية، وتطابقت الرؤى بين المرجعان بشان الحروب والازمات، فالدول التي تدعي انها تدين بالديانة المسيحية كالولايات المتحدة الامريكية والغرب بصورة عامة، ياتمرون بأمر اسرائيل بل يطبقون خططها في المنطقة ، فانهم دعموا نظم دكتاتورية تظلم شعوبها من اجل تنفيذ مصالح خاصة ، وبعد ذلك تم اسقاطها واستبدالها بنظم همجية بعد ان فتت قوة تلك البلدان، بدعم مالي من دول الخليج وفكر متطرف، واول من تم التضحية بهم هم الاقليات المسيحين والايزيدين بالذات، والقصد افراغ الشرق الاوسط من تلك الاقليات، أما أهل تلك المناطق ورغم تحريرها بعد ان استباحتها داعش وسبت نسائها، تأتي الاتهامات لصاحب الفتوى والحشد وتقليل من قيمة الزيارة من قبل بعض القنوات العربية وساسة المنطقة الغربية، بان النجف تتبنى مشروع التطبيع مع اسرائيل والدول العربية طبعت فعلياً لكنهم لايذكرونها!، في حين ان بيان المرجعية ذكر القضية الفلسطينية وما يعانيه الفلسطينيون على يد الاحتلال الصهيوني، وانه على البابا زيارة المراجع الاخرى وليس فقط مرجع الشيعة، وكلام اخر يفرق بين المرجعية في النجف الاكثر مرونة من مرجعية قم المتشددة وينسون ويتناسون بانهما واحد يكمل احدهما الاخر فلولا الفتوى والدعم بالسلاح والمستشارين من إيران، وقيادة قادة النصر لما حدث الانتصار على قوى الشر.
لكن البابا لم يذكر الحشد وقادة النصر في خطابة، وربما انه لا يعلم ان بعد انهيار المعنويات للقوات الامنية، وسقوط اكثر من ثلاثة محافظات، وهروب البيش مركة وترك المسيحين والايزيدين فريسة سهلة لداعش ، واليوم (نافخين ) نفسهم وكأنهم هم من حموا المسيحين وحرروا مناطقهم فيتكلمون عن السلاح المنفلت، وان السبب في تدهور الاوضاع لوجود الحشد والدعم الايراني له، وهم استغلوا قضية المهجرين المسيحين في كردستان لأغراض سياسية، ويعود سبب عدم ذكر الحشد وقادة النصر، للإقليم علاقات مع الكيان الصهيوني وهو يطبق اوامره في شيطنة الحشد الشعبي، وفي وضع الحشد في مجال العدو وصاحب السلاح المنفلت، ونسوا ان هناك قوة مسيحية تابعة للحشد الشعبي تتولى حماية الكنائس بعد تحريرها من داعش، ولولا الحشد وقادته وجنوده لوصلت داعش لدول الجوار التي دعمت داعش وخاصة العربية منها، ولما استطاع البابا زيارة العراق، وانه لا قيمة لأي مكان عبادة اذا لم يكن عباده امنين، ولم يذكر احد توصيات القائد الشهيد ابو مهدي المهندس لجنوده اثناء التحرير، بعدم ضرب مقاتلي داعش المتمركزين في الاديرة والكنائس حتى لا تضيع معالمها ويدمر تراثها وتاريخها، ورفع الصليب بعد التحرير.
هناك مشكلة نحن لا نستغل الفرص، فلم نستغل الوحدة التي تحققت في فترة طرد داعش وتوحد الجميع ضده، ولكن ترك الامر فعادت السياسة تلعب على الطائفية والقومية والكراهية، وعدم الاهتمام في التنوع وهو ثروة ويجب الحفاظ عليها، فهاهي الهند وكيفية تحتضن المئات من الاديان ، وليس ببعيد جمهورية ايران الاسلامية التي لم تطرد اليهود كما طردهم العرب ويمارسون طقوسهم بحرية تامة، والاقليات جميعها تحصل على استحقاقها السياسي في المناصب وغيرها، وكما دعا البابا الى بناء الانسان قبل العمران، والتخلص من ال(انا)وهو انتقاد لأصحاب السلطة وفسادهم، يقول اتيت حاجاً وتائباً، اجعلوا قبلتكم المناطق الفقيرة والتوبة ليس عيباً، فهل تحقق الحكومة ما طرحه البابا، بعد ان عجزت الحكومات السابقة في تنفيذ توصيات المرجعية، فيجب التخلص من خطاب الكراهية، وخلق رمز وطني يجمع جميع المكونات، فهل ستبني الحكومة منشئات سياحية في الناصرية ومتحف تاريخي لغرض جلب السياح وتشغيل اهالي المحافظة، ولكننا لنا سابقة في وضع الاهوار على لائحة التراث العالمي ولم تحقق الحكومات شيء على ارض الواقع، فينبغي استثمار الحدث وبناء اواصر جديدة للتعايش، واحترام الشهداء وتقديرهم، وتقديم الشكر للقوة التي حررت الارض والحفاظ عليها، وعدم التنكر لها لان الاعداء يبغون تفكيكها لأنها افشلت مخططاتهم.
https://telegram.me/buratha