حيدر السعيدي ||
بعد ان حفظوا درسين من علم المنطق رفعوا اصواتهم عاليا بنداءات غريبة : ان الوطنية والدين لا يجتمعان , لان اسفار الشيخ المظفر تقول : لا ضدين مجتمعان , متصورين ان الدين والوطنية ضدان يقفان على مفترق طرق ولايمكن الجمع بينهما على الاطلاق .
ماهو الضير في ان يكون حبنا للدين ان كنت مسلما سنيا او شيعيا او مسيحيا او غير ذلك وعشقنا لتراب الوطن , الدين والوطنية ليسا من الاضداد بل انهما من تقابل المتضايفين مثل الاب والابن اذا امنت باحدهما اعتنقت الاخر .
الوطنية الشيعية مشروع اجتماعي وثقافي قبل ان يكون اطروحة سياسية تتناقلها منابر السياسيين , هذا المشروع يهدف الى ان يكون ولاء الشيعة لاوطانهم اولا ولايقدمون انتمائهم المذهبي على هويتهم الوطنية وهو بذلك مشروع يقابل منهجا اخر لايعترف بالحدود والاوطان بل المذهبية هي الحاكمة .
اهم مصداق في الوطنية الشيعية قدمه المرجع الديني السيد السيستاني في لقاءه البابا عندما تحدث بلسان عراقي فصيح عن محامد شعب العراق بكل انتماءاته وتحدث عن حقوق المسيحيين كسائرالعراقيين , والوطنية الشيعية يعني الاعتدال والتسامح وهذا ماتجلى في لقاء الزعيمين الروحيين السيد السيستاني والبابا فرنسيس ، والرسائل والبيانات التي اطلقت من النجف تعزز دورها كحاضنة للاعتدال والوطنية الشيعية قبل الهوية الطائفية , وهذا بحد ذاته يمثل عمق مدرسة النجف بتاريخها وتراثها ودورها المؤثر في ماضي العراق وحاضره ومستقبله .
الوطنية الشيعية مفهوم يجب ان يدركه على شيعة العراق حكاما وقوى سياسية ومجتمعية وافراد ومعناه في ابسط مصاديقه الانتقال من النفوذ المذهبي إلى الدور الوطني بوصفهم اغلبية سكانية في العراق واخ اكبر لكل المكونات ودورهم ان يكونوا خيمة تضم كل ابناء الوطن ولاينكفؤوا على مذهبيتهم , الوطنية لا تعني الخروج من الطائفة بل هي الخروج عن الجماعة الطائفية بلا تمرد على المذهبية الشيعية وثوابتها بل ان الوطنية الشيعية هي الانتقال الى الفضاء الوطني بشروطه الجامعة الأوسع من الجماعة الضيّقة، في مرحلة اصطدمت الهوية الخاصة بالعامة .
الوطنية الشيعية تعني الاندماج الوطني الذي يحمي الانتماء الروحي والعقائدي، والدولة الجامعة وحدها تحفظ خصوصية الجماعة وتضمن سلامتها وسلامة أبنائها.
لان هويتنا الشيعية لا تصان وحقوق المواطنين لا تُستوفى إلا بالهوية الوطنية العراقية الجامعة التي يشترك فيها جميع شركاء الوطن، وهذا حال جميع المكونات في البلاد , ولذلك فان الطائفة الشيعية ستحظى بالأمان يوم يكون الوطن موحداً، بعيدا عن سياسة الانطواء الشيعي , فهناك من يريد تحويل الشيعة العراقيين من أغلبية وطنية عراقية إلى أقلية مذهبية عربية، وكما جرى في بعض الدول، حيث تم ربطهم بمشاريع نفوذ إقليمية أضرت بمصالحهم الوطنية، فتعطل اندماجهم الوطني، ودفعوا ثمن قيام من صادروا قرارهم بترسيم حدودهم داخل أوطانهم، ودفعهم إلى التصرف كأقلية قلقة تقدم الخاص على حساب العام، ما تسبب في تشويه علاقتهم بفكرة الدولة، وهو ما يخالف تراثهم الثقافي والاجتماعي وحتى موروثهم الروحي .
https://telegram.me/buratha