عدنان جواد ||
كيف يولد الطغاة ؟، بدون شك ان الانسان لا يولد من بطن امه طاغية، وانما تتوفر مناخات وظروف وتربة خصبة تساعد في نمو بذور الطغيان، والكبر والتضخم، الى حد التمكن، لا نريد ان نخوض بما قاله الفلاسفة وما حدث في التاريخ القديم، من فرعون وقارون الى تيمور لنك، ولكن نتحدث عن طغاة شاهدنا ظلمهم وتسلطهم وكيف كانت نهايتهم، فهم يعيشون تحت ظل اغماء السلطة ورفاهيتها يعمي العقول ويذهب الحكمة ويستبدلها بداء العظمة، و سكرة السلطة لا يذهبها الا الموت او الثورة او الانقلاب، البعض يقول ان الافكار والايدلوجيا هي من تصنع الطغاة، ولكن الحقيقة الطغاة ووسائلهم المتنوعة هم من يصنعون الايدلوجيا والافكار المنحرفة، يستخدمونها لأجل تبرير طغيانهم وتجبرهم، مثل هتلر الذي اتخذ نظرية دارون في الجنس البشري في تقوية سلطته والسيطرة على عقول الناس، وابسط مثال قريب علينا نظام صدام والاتحاد السوفيتي، صنع صدام السلاح وضرب اسرائيل بعدد قليل جداً من الصواريخ فصار بطل قومي لحد الان يشيد بدوره بعض العرب ويترحم عليه، لكن الحقيقة انه كان دكتاتور طاغي يعيش شعبه في سجن كبير يعاني الظلم والقهر، ولكن ماذا كانت النهاية، خاصة عند عدم الاهتمام بالمجتمع كيف انهارات الجيوش والاجهزة المتعددة وهي تمتلك الاسلحة المتطورة بليلة واحدة، والاتحاد السوفيتي الذي وصل الى القمر وامتلك القنابل النووية ونافس الولايات المتحدة الامريكية في الصناعات الحربية، ولكن حين انهار الاتحاد السوفيتي الذي كان يحكم بالقوة والفكر الاشتراكي الذي لم يطبق على الارض كما مكتوب في الورق، تحول الى مجتمعات ودول تكره بعضها البعض حاقدة كان يجمعها الخوف والقوة والنظام الشمولي، وفي المقابل الناس تميل بطبيعتها للحرية بالفطرة، ولكن بعضها يميل للتقديس الذي قد يكون صنماً او حاكماً ، في حين ان من يستحق التقديس الله والانبياء والاوصياء والاولياء، والمشكلة المستعصية عندنا تغليف المدنس بالمقدس حتى لا يتم نقده او توجيه الاتهام له لأنه فوق الشبهات.
هناك تناسب طردي بين وعي الشعوب والطغيان والاستبداد وهضم حقوقها، والظلم ليس فقط في القسوة والتعسف والقتل وانما ايضاً في سرقة ثروات الشعوب وتحويلها لخدمة الحاكم وعائلته واصدقائه ، وكما يقول توماس جفرسون: "عندما تخشى الشعوب حكامها يولد الطغيان وعندما يخشى الحكام الشعوب تولد الحرية"، وفي قول اخر،" هل تخافنا الحكومة؟ ام هل نخاف نحن من الحكومة؟ عندما يخاف الناس من الحكومة فعندها يوجد الطغيان، الحكومة هي خادمنا وليس سيدنا"، فوعي الشعوب ضروري لترشيد الحكم وتوجيه الحاكم للطريق الصحيح الذي يخدم الجميع، وفي خطاب للأمام الخميني(قدس) في الجماهير يقول:
انتم قدمتم الدماء ولا املك اي حق بالثورة، فينبغي علينا ان نخدم، وليس استغلالكم للوصول للألقاب والمناصب"، فنحن اليوم في القرن 21 وهناك دول تطورت في كافة المجالات، وشعوب في غاية التقدم بنت تقدمها في الحصول على حقوقها في الانتخاب على اساس البرامج ومراقبة السلطات ومحاسبتها بكل قوة وشفافية، فيحصل المواطن على حقوقه كلها منها التامين الصحي والغذائي وفرص العمل والسكن، في حين هناك شعوب لازالت تحكمها العلاقات العشائرية او القومية او التي تدعي انها دينية، وتطبق مبدا (انصر اخاك ظالماً او مظلوماً)، (والشجرة الي ما تفيئ على اهلها كصها)، (وجوع كلبك حتى يتبعك)، وهذا منطق الاحزاب الحاكمة في العراق اليوم مع الاسف فهي من باب تتحدث عن تطبيق الدستور والقانون، ومن الباب الاخر توزع المناصب حسب درجة القرب من الحزب ، وتستحوذ على المال من قبل جهاتها في الدولة فتترك الشعب يعاني الفقر والحاجة للسكن والعمل وغلاء الاسعار والدمار، مع الاسف الشعب لازال كل فئة متمسكة بصنم تعبده حتى وان كان مصنوعاً من تمر يؤكل او خشب يحرق، فلازال الكثير من نسائه بل وحتى رجاله تقصد السحرة وفتاحي الفال، وليس فقط الحكومات العراقية المتعاقبة بل السبب الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي استخدمت الاسلحة المحرمة الدولية كاليورانيوم المنضب والفسفور الابيض، وهي اتت حسب ادعائها لامتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل ونشر الديمقراطية، لكن في الحقيقة هي من تصنع الجهل وتزرع التخلف والفرقة والتناحر، من اجل استغلال مواردها وجعلها سوقا لتصريف منتجاتها، وهو فكر متجذر منذ الاستعمار القديم وان اختلفت الاساليب، لذلك زرعت شخوصها وفكرها في المجتمع حتى يبقى البلد بحاجة لهم وهم يخدمون الاجنبي اكثر من ان يخدمون شعبهم، لذلك الشعب كل وعيه تعدد الولاءات واحترامه لأصحاب الشعارات وتركه اصحاب المشاريع الحقيقية والكفاءات والتضحيات، فيصفق للاتفاق مع السعودية لاستثمار الصحراء ويترك الاتفاق مع الصين الذي يخدم الشعب والوطن بصورة عامة، وبعد 18 سنة لم تبني او تطور شيء في العراق بل ساهمت في تجهيل شعبه ونشر الفوضى، فيتطلب فرض القانون العادل والمنصف، ومحاسبة المشعوذين والفاسدين والاهتمام بالشباب وايجاد فرص العمل، والتوجه للأعلام الهادف الذي يوضح الحقوق ويزيد الوعي وترك التافه المحرض، وان يشجع ويدعم البرامج التي تخدمه والا يسير اعمى خلف من يجني المال له ولعائلته وحزبه ويتركه فريسة سهلة للفقر والجهل.
https://telegram.me/buratha