حسين فلسطين ||
اذا ما أردنا القاء نظرة استقصائية سريعة للدور الامريكي التآمري الخبيث في العراق فمن السهل جدا تأشير ذلك الدور على جميع المستويات ، فالدور الذي تقوم به واشنطن منذ احتلالها العراق إلى يومنا هذا كان سلبيا بالمطلق اكمل ما انتهى به نظام الطاغية صدام الذي مارس أقسى وابشع الأساليب التي ساعدت في تفتيت المجتمع العراقي من خلال ضرب واستهداف امن وسلامة واقتصاد العراق. فهي ترى أن اضعاف الحكومات العراقية على اختلاف توجهاتها وايدلوجياتها خدمة لمصالحها ومصالح الكيانين الصهيوني والسعودي.
يمكن لنا وبغض النظر عن المواقف المتباينة من تلك الحكومات ان نقف عند اهم المحطات الرئيسية التي تكشف حجم هذ الدور الخبيث وخطورة تدخلاته المزمنة فالاستهداف الأمني الذي تقوم به امريكا كان له ما يوازيه في الدور والتأثير كعامل ضغط آخر ينهي العراق كدولة قوية قادرة على مواجهة التحديات وهو العامل الاقتصادي .
بدأت قصة الاستهداف الاقتصادي الأمريكي للعراق مع اشتداد الحرب الطائفية التي استهدف البنى التحتية والمؤسساتية في العراق بفعل تجنيد الإدارة الأمريكية للعناصر الإرهابية المسلحة من خلال إعادة وإحياء التحالف بين بقايا البعث المقبور واستيراد تنظيمات إرهابية وبذلك فإن التحالف البعثي الوهابي إضافة للدور التدميري الذي قام به أستطاع أيظا حجب العراق عن مواكبة التطور لعدم وجود بيئة آمنة تساعد في جلب ذوي الخبرة من شركات او دول من الممكن أن تنقل تجاربها الناجحة لبلد كانت عقوده الست الأخيرة عقود حرب ودمار كلفت العراق خسائر مئات المليارات !
ومما لا يقبل الشك أن الامريكان استطاعوا فرض سياستهم في جميع مفاصل الدولة العراقية خصوصا فيما يتعلق بأستغلال مواردها المادية من خلال وضعها لسنن سيئة شكلت ضربة موجعة للاقتصاد العراقي ، فمن منا لا يعلم أن ما يقارب (٥٠%) من موازنات العراق عرضة للأجتزاء توزع بما يناسب الذوق والمزاج الأمريكي فما نسبته (١٧%) من الموازنة هي نسبة ثابته لاقليم شمال العراق يضاف إليها أموال أخرى تحت عنواين مختلفة كالنفقات السيادية وغيرها تؤمن ما يفوق عن (٢٨%) من تخصيصات الموازنة سنوياً اضافة لاتستقطاعات أخرى تبوّب كتعويضات تدفعها بغداد لدول عانت من تجاوزات النظام الدكتاتوري.
عمد الأمريكيون على منع أي تقدم اقتصادي ممكن أن يحرر العراق ويجعله في صدارة دول المنطقة على الأقل فبالإضافة لأستخدمها التنظيمات الإرهابية استطاعت واشنطن انشاء لوبيات سياسية تعرقل القوانين التنموية والاقتصادية في مجلسي النواب والوزراء بدءاً من قانون البنى التحتية وقانون النفط والغاز وليس انتهاءاً بوقوفها العلني بالضد من ايّ اتفاقية اقتصادية ينوي العراق عقدها ولعل الاتفاقية الصينية خير دليل على تحديد دور الإدارة الأمريكية في إيقاف العجلة التنموية في البلاد.
فبأذرع سياسية كردية وتآمر طائفي سني يضاف إليه انبطاح وتذلل لبعض القوى الشيعية بدأ سريان مفعول القرار الامريكي المتضمن منع التصويت على مقترح قانون البنى التحتية الذي قدمته حكومة السيد (نوري المالكي) لأكثر من مرة اذ استطاعت تلك الكتل أن تغتال القانون الاهم في العراق والمنطقة على أبواب مجلس النواب مع سبق الإصرار والترصد.
لم يغب اللاعب الأمريكي عن موازنة العام الحالي فالكرد علقوا آمالهم بالإدارة الأمريكية من جديد لتمرير بعض الفقرات التي جعلتنا أمام كارثة حقيقية ستعود بنتائج لا تحمد عقباها لما تتضمنه تلك الفقرات من مخالفات دستورية تعزز حالة الاستهتار بالموارد الطبيعية للعراق الذي ينتهجه الإقليم فإحدى الفقرات الواردة في الموازنة تحدثت عن "إجراء تسوية حسابية" حال عدم التزام الإقليم بتسليم إيراداته للحكومة الاتحادية مما يعني استقطاع الحكومة ما يفترض أن يدفعه الإقليم لبغداد من حصته في الموازنة ويسلم المتبقي من الحصة الإقليم وهذا ما يؤكد عدم وجود ما يلزم الكرد بالدفع وإن عملية تهريب النفط ستستمر اضافة لأنفراد مدن إقليم شمال العراق بالحصة الأكبر من الأموال المخصصة لمحافظات العراق الجنوبية والوسطى .
كما تضمنت الموازنة انتكاسة معنوية ومادية اختصرت رغبة الكتل السياسية السنية في توفير غطاء مالي وقانوني للأرهابيين الذين قتلوا على يد قواتنا الأمنية خلال حرب التحرير من خلال وضع فقرة "المغيبين" وتعويضهم مادياً ومنحهم صفة الشهيد اضافة لإدراج مكافئات نهاية الخدمة للجيش الصدامي في خطوة أثارت حفيظة العراقيين ، هذه الفقرات تتجاوز من حيث المفعول والأثر ما يتركه قانون العفو العام وبالتالي فإن السنة نجحوا في تحقيق شروطهم بفعل صناعة الإدارة الأمريكية للوبي نيابي قاده الكرد والسنة والتحقت به كتل شيعية متأمركة لم تشترط ما يمكن أن يكون ورقة ضغط لصالح جمهوها الفقير الذي يعاني مرارة الغلاء الفاحش وانعدام البنى التحتية اضافة لما تركه رفع سعر الدولار من آثار مدمرة.
https://telegram.me/buratha