محمد صالح صدقيان ||
منذ سنين ؛ والمنطقة تشهد تدافعا أمنيا سياسيا لم يستكن على حال لاسباب متعددة ؛ منها : تصدع النظام الرسمي العربي بغزو صدام لدولة الكويت عام 1990؛ وسقوطه كليا بسقوط نظام صدام عام 2003 . وقبل ذلك انهيار الحرب الباردة التي كانت قد وضعت المعادلات الامنية والسياسية لهذه المنطقة ؛ وما تبعها لاحقا من تطورات امنية وسياسية مهمة كانتشار التنظيمات الارهابية والتكفيرية في المنطقة حيث واجهت دول المنطقة هذه التنظيمات ولازالت بالكثير من المصاعب ودفعت بعض الدول كالعراق ضريبة غير عادية في مسار مواجهة هذه التنظيمات الارهابية .
وحتى نكون اكثر وضوحا ، فإن « صراع الارادات » كان واضحا في كل هذه السنوات العجاف خاصة في ظل وجود القوات الامريكية التي احتلت العراق عام 2003 وقبل ذلك احتلت افغانستان في العام 2001.
ان الحديث عن « العٌقدة الايرانية » دون اخذ تطورات المنطقة الجيوسياسية والجيوامنية قفزٌ على متغيرات اساسية عانت منها دول المنطقة ولازالت تعاني جراء فقدان المنطقة للنظام الامني والسياسي الذي يحكم مصالح دول المنطقة .
استغربت وانا اقرأ وجهة نظر خليجية بشان « العٌقدة الايرانية » وكأن ايران هي الدولة الوحيدة في هذه المنطقة التي سببت التصدع للامن والمصالح القومية متناسية ان ايران في كل ذلك كانت تشعر بانها المستهدفة في كل ما حصل بما في ذلك احتلال العراق عام 2003 من قبل القوات الامريكية .
انا لا اتحدث ان كانت ايران محقة في تحليلها وقراءتها للتطورات الاقليمية ام لا ؟ لكن يجب ان لا يغيب عن بالنا ان ايران تشعر انها مستهدفة في انجازاتها وفي أمنها لما يحدث في المنطقة وبذلك فهي تعمل من اجل دفع الضرر من خلال تواصلها مع المجموعة الغربية كما حدث في الاتفاق النووي ؛ او مع الشرق كما حدث في الاتفاق الذي وقعته مع الصين . ويجب ان لا ننتظر من ايران البقاء مكتوفة الايدي وهي ترى التحالفات والتطبيع والتسليح الذي يسير على قدم وساق في المنطقة .
في العام 2014 كنت في مؤتمر سياسي قريب من دولة خليجية اقيم في باريس ؛ قلت بشكل واضح استنادا لمعلومات كنت امتلكها انذاك ان ايران اصبحت قاب قوسين او ادنى من الاتفاق مع المجموعة الغربية وان كل المؤشرات كانت تشير الى التوصل لهذا الاتفاق ؛ ودعوت الدول الخليجية الى الانسجام مع هذا الاتفاق بعدما كانت هذه الدول تطالب ايران الحوار مع الولايات المتحدة والاتفاق معها لتجنب المنطقة الحرب والتوتر والتأزيم . لكن مع الاسف هذه الدول تمسكت بموقف مغاير . راهنت على تفكيك الاتفاق بالتعاون والتنسيق مع ادارة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب الذي انسحب من الاتفاق ووضعت ما تملك من البيض في السلة الامريكية لتقليم الاظافر الايرانية وقطع اياديها من المنطقة . الان ما الذي حصل ؟ سقط الرئيس ترامب في الانتخابات وعادت اللعبة من جديد على واقع جديد . وعادت مرة اخرى « العٌقدة الايرانية » .
انا اتفهم القلق الخليجي وأهميته ؛ لكن السؤال هل يمكن لنا تصور ازالة هذا القلق بالخيارات المستخدمة سابقا التي اثبتت عدم فاعليتها ؟ وهل ان المسارات السابقة يمكن لها ان تحل هذا القلق ؟.
امامنا جملة حقائق يجب ان تٌأخذ بنظر الاعتبار من اجل ازالة القلق وهو حق طبيعي .
اولا : اللجوء لــ « الواقعية السياسية » امر مهم يستطيع ان يساهم في قراءة التطورات بعناية .
ثانيا : الاقتناع بقدرة دول الاقليم لرسم معالم النظام الامني الذي يحفظ مصالح جميع دوله على اساس رابح رابح .
ثالثا : ومن ثم الاقتناع ان الحوار الاقليمي يستطيع ان يصل الى نقطة تعايش لجميع دول وشعوب المنطقة بالشكل الذي يحفظ لها مصالحها القومية والوطنية بعيدا عن اجندات القوى الخارجية .
وسوف اكون واضحا ؛ احياء الاتفاق النووي سيحصل عاجلا ام آجلا . وستعود الولايات المتحدة لطاولة 5+1 . وستوضع اطر تفاوضية لقضايا اخرى . وسوف لن يسمح لأي طرف اخر الجلوس على طاولة 5+1 ؛ وستتعامل ايران بأكثر قوة مع الجانب الغربي من مرحلة مابعد عام 2015 كما انها ستكون اكثر انفتاحا على الجانب الصيني والروسي . السؤال ماذا تريد الدول الخليجية ان تعمل ؟ هل ستنتظر لما بعد الاتفاق او الاتفاقات الجديدة ؟ ام انها ستعمل على مواجهة ذلك ؟ واذا ما اتخذت قرار المواجهة فما هي النتيجة ؟ هل ستكون كسابقتها ؟ ام ان هناك خيارات اخرى ؟ .
اعتقد ان « الواقعية السياسية » تفرض على دول الاقليم الاسراع بالانصياع لمبادرة سياسية اقليمية ترسم مصالح الاقليم للتحرر من « العٌقدة الايرانية » . وليس مهما من يطرح المبادرة هذه الدولة او تلك . المهم الجلوس على طاولة حوار لمناقشة القلق المتبادل والتوصل الى حلول
https://telegram.me/buratha