عباس سرحان ||
المهوال شاعر مناسبات يرتجل؛ ويسهم عموما في تعزيز قيم نبيلة في المجتمع، ودوره لايُنكر؛ فحين تنتدب أسرة أوعشيرة مهوالا لإحياء مناسبة تهمها؛ فإنه يَجهد ليبرع في ابراز دوره مواسيا أو مادحا ومُشيدا بمنتدبيه.
ويحرص على ارضائهم وارضاء جمهورهم وجمهوره فيما يقول ويؤدي. أما السياسي فهو شخص عرض نفسه على الجمهور كمدافع عن حقوقهم؛ فقبلته شريحة منهم وأوصلته الى السلطة.
إنه عقد غير مكتوب إذن بين السياسي والناس؛ يتعهد فيه بالدفاع عن حقوقهم وتمثيلهم بما يمكّنهم من جني ثمار مشاركته في السلطة في مقابل ايصالهم اياه للحكم وتمتعه بامتيازاته المادية والمعنوية.
ولو تحول السياسي الى "مهوال" فأنشد وارتجز وتمايل دفاعا عن حقوق من انتخبه؛ فالأمر في غاية الروعة والنبل والوفاء؛ وهو من صميم عمل السياسي.
لكن أن يستعير السياسي دور المهوال ليدافع ويمجّد ويلمّع صورة سياسي آخر من حزب غير حزبه، فهذه تحتاج الى وقفة تأمل.
وتحتاج الى أكثر من ذلك حين يدافع سياسي عن سياسي آخر لأن الأخير نجح في خدمة من اوصله الى السلطة ودافع عن حقوق ناخبيه في مناطقه دفاعا أعجب السياسي المدّاح.
فهذه المصيبة تحتاج الى لطم على الرأس؛ فالسياسي المدّاح قد فشل في خدمة جمهوره، وتركهم للعوز والفقر والبطالة والسكن العشوائي وغلاء الأسعار، وانبرى يمدح سياسي آخر لأن الأخير نجح في مهمته!.
هذه الخلطة الغريبة من المواقف قد تمر على أغلب المواطنين وسط ذهول واستغراب وألم دون أن يقفوا كثيرا عند اسبابها، لأنهم مصدومون من أداء من كانوا ينتظرون منه الدفاع عنهم وإذا به يدافع عن سياسي مثله.
ببساطة ان هذه المواقف وحفلات المديح والثناء والردح هي بدايات لصفقة سياسية يراد لها أن تتم لاحقا، ويحاول الطرف الأضعف فيها أن يثبت حسن نواياه للطرف الأقوى بسيل من المديح والثناء.
فاعلون أساسيون في الساحة الشيعية ما عادوا يعولون على جمهورهم الشيعي في الوصول الى السلطة لأنهم فشلوا في خدمة هذا الجمهور؛ بل إنهم خذلوه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
لذا هم ينتظرون من "حلفاء" لهم من السنة والأكراد القيام بدور الرافعة ليوصلوهم الى السلطة بذريعة التوافق أو الفضاء الوطني.
ويكفي هنا ان تحصل كتلة المدّاح على 20 مقعدا وقبولا من كتل سنية وكوردية لتكون مشاركا فاعلا في السلطة بدعم من رافعة الفضاء الوطني.
وبالتأكيد فإن وصول مثل هذه الكتلة الشيعية الى السلطة بهذه الطريقة لن يكون نافعا لجمهور الوسط والجنوب.
لأنها ببساطة ستكون رهنا لاشتراطات كتل أخرى ولن تكون قوية بجمهورها، وهذا يجعلها تنصاع لما تريده الكتل الأخرى"الرافعة" ولو على حساب جمهور الوسط والجنوب والله المستعان واليه المشتكى.
https://telegram.me/buratha