د.جهاد العكيلي * ||
المفهوم العام للبحث هو، تحليل الواقع بشكل علمي ومعرفي، والوقوف على المشكلات وأسبابها للوصول إلى حلول ناجعة، والتي يمكن من خلالها تجاوز الازمات التي تعاني منها مؤسسات الدولة، سواء أكانت أزمات سياسية او مالية او اقتصادية او اجتماعية وربما مجتمعة، وغيرها من الازمات التي تعرقل نمو البلاد وتطورها ..
وهذا بحد ذاته يشكل خط عام في سياسيات الدول التي تريد من مؤسساتها ان تعمل بفاعلية ودقة متناهيتين لتطويق الازمات التي تظهر فجأة على سطح الواقع المعاش او تحدث نتيجة أخطاء عمل وممارسة السلطة التشريعية او التنفيذية لواجباتهما الملقاة على عاتقهما ..
وما نلاحظه في دراستنا ومشاهدتنا للواقع كثرة الازمات التي تضرب بالبلاد يمينا وشمالا وتداخلها مع بعضها بمركب غير طبيعي من دون أن نجد أي مؤشرات لتشخيص الحلول الناجعة بهدف التوصل إلى نتائج منطقية لتخفيف تلك الازمات التي تثقل كاهل الدولة، ما جعل الدولة تترنح امام كثرة الازمات مع اضطراب واضح في عمل السلطة والتزاماتها تجاه الشعب الذي يسعى لتحقيق مطالبه المشروعة ..
وبالمقابل نجد ان هناك انتشارا واسعا لمراكز بحثية في عموم هياكل الدولة المتعددة بشكل يلفت الانتباه، حيث تضم هذه المراكز كوادر أكاديمية وأدوات بحثية ومستلزمات أخرى تضفي وقارا وهيبة لها، فضلا عن وجود مؤسسات مدنية يمثلها متطوعون وتضم نخبا من مختلف الاتجاهات وحملة شهادات متعددة منها مدعومة من الداخل وأخرى تتلقى دعما من الخارج سواء أكان هذا الدعم ماديا او معنويا، فضلا عن الدورات التدريبية المكثفة التي تشمل جميع الأنشطة البحثية، والتي تقام تحت إشراف محلي ودولي لمختلف الاختصاصات العلمية ..
وإذا كان كل ذلك يجري بحسبان بحثي علمي ومعرفي دقيقين، فلماذا لا يتم تشخيص المشكلات والمعوقات المسببة للازمات التي تعرقل عمل الدولة وحركتها، فهل هي طبيعة الازمات نفسها، أم ان طبيعة المؤسسات البحثية المختصة يشوب عملها الاخطاء في التشخيص! ..
في الواقع لا توجد مكاشفة حقيقية في طبيعة عمل هذه المؤسسات ودورها في المجتمع، مع وجود إهمال واضح في طبيعة عملها خصوصا وإن واقع الحال يؤشر لنا بوضوح ان بعض القيادات العليا في الهرم الإداري ومراكزها البحثية يتواجد بين مفاصلها من غير الاختصاص ، مما يولد بالنتيجة تجميد او تحييد قدرات الكفاءات البحثية وحجرها او استغفال المراكز في مجال اختصاصها، مما يؤثر على طبيعة عمل وأهداف هذه المراكز التي انشئت من اجلها، اضافة الي قصر نظر المسؤولين لأهمية هذه المراكز ودورها في المجتمع، وعدم الالتفات اليها كما تنظر لها دول اخرى كونها تشكل حلقة فاعلة لسياسة الدولة، لتمدها بالسبل والمناهج الأساسية لتفعيل عوامل النجاح في انشطتها المتعددة الأوجه، وتجنبها الوقوع في منزلق الازمات الحاده، وبالتالي العبور بدولها الى بر الأمان ..
فهل تعي السلطتين التشريعية والتنفيذية في بلدنا اهمية دور المؤسسات والمراكز البحثية المعرفية والعلمية في خضم التحول الديمقراطي المنشود، والنظر بجدية لدور هذه المؤسسات والمراز البحثية الحقيقي من خلال وضع خطط ودراسات، لتفعيل دروها بصورة جدية في المجتمع الذي لا يزال يطمح بتجاوز السلطتين التشريعية والتنفيذية للازمات التي تعصف بالبلاد رغم مرور ثمانية عشر عاما أرقت المجتمع كثيرا ..
سؤال ، سيظل بحاجة الى إجابة؟..
/ *كاتب عراقي
https://telegram.me/buratha