المقالات

هل يتنازل العراق عن قراره السيادي ويرضى بالتبعية؟!

1826 2021-05-29

 

عباس سرحان ||

 

لمن لايرى بوضوح مسار الوضع العام في العراق، نقول ان البلد يسير باتجاه سلب الإرادة الوطنية ومصادرة ما تبقى من قراره السيادي، ولاشك أن من يعمل على الدفع بهذا الاتجاه هي الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها الاقليميون والمحليون.

وتحقق هذه الاطراف من وراء مصادرة الارادة العراقية اهدافا متعددة، منها توقف الاعمار والبناء ونهب الثروة الوطنية وتعطيل الدور الاقليمي والدولي للعراق وإلحاقه بركب دويلات المنطقة التي لايملك حكّامها حق تسمية ولاتهم دون إذن من الادارة الامريكية.

 والأهم من هذا وذاك بقاء العراق تحت رحمة الدول القوية لأنه لايستطيع ان يبني جيشه او يحمي حدوده ولن يتخذ قرارا مستقلا حتى وان كان في صالحه وتدور قراراته في دائرة خدمة الاطراف المسيطرة عليه.

كان واضحا منذ البدء أن احتلال العراق لم يكن بهدف نشر الديمقراطية كما زعمت الادارة الامريكية وقتها، فمن ينشر الديمقراطية لابد أن يؤسس نظاما سياسيا ناجحا يقوم على أسس الديمقراطية وليس على اسس المحاصصة التي شلّت البلاد وحولتها الى اقطاعيات.

اذن احتلال العراق كان بهدف الهيمنة عليه وعلى ثرواته وتحويله الى قاعدة امريكية متقدمة في المنطقة واستثمار مشاعر الكراهية والغضب عند اغلب العراقيين ضد النظام السابق، لتأسيس قواعد امريكية في العراق برضا ابنائه بعد ان حاولت امريكا تصوير نفسها على انها صديق حميم للعراقيين.

غير ان الادارة الامريكية فوجئت بحملة من الرفض والمقاومة المسلحة والسلمية دفعتها الى الإذعان للقرار العراقي والانسحاب من العراق في 2011، لكنها سرعان ما عادت من الشباك تحت عباءة مواجهة تنظيم داعش الذي تشير كل الدلائل والقرائن الى كونه صناعة امريكية.

من الواضح إذن أن القرار العراقي القوي والمستقل الذي أجبر امريكا على الانسحاب في 2011 قد أربك الحسابات الامريكية وقتها، فعادت في 2014 وهي تحمل مشروعا لقتل هذا القرار أو شلّه وجعل الدولة العراقية بلا ملامح تعاني من التشرذم والضعف حتى لا تتمكن من اتخاذ قرار جديد يرغم امريكا على المغادرة.

وهذا ما عملت عليه ادرة البيت الابيض مستثمرة في الاحتجاجات الشعبية مرة وفي الظروف السياسية مرة أخرى، فأطاحت برئيس الوزراء السابق لأنه حاول التحرك بعيدا عن سيطرة صانع القرار الامريكي واتجه شرقا نحو الصين.

وامريكا تراقب الاداء الحكومي اليوم لتجعله في مسار يخدم مصالحها واهدافها في المنطقة، وتلوح بفرض عقوبات امريكية على العراق مرة وباثارة الاحتجاجات مرة اخرى كلما تعالت اصوات تدعو الى تحرير القرار السيادي العراقي.

ومن الواضح ان كفّ الهيمنة الامريكية بات يغطي اجزاء واسعة من خارطة العراق السياسية والقوى التي ما زالت تصارع هذه الهيمنة اصبحت تعاني من ضغط امريكي كبير لجعلها تنصاع وتذعن لامريكا.

إذن ما العمل؟

بالتأكيد هناك انقسام حيال وجود القوات الامريكية في العراق وتدخل ادارة البيت الأبيض في الشأن العراق، فحلفاء امريكا من العراقيين لا يقبلون برحيلها ويتهمون كل من يطالب بذلك بانه يسعى للاستئثار بالقرار الوطني.!

ومعارضو هذا التواجد والتدخل الامريكي يستندون الى ان الديمقراطية تعني الاذعان لقرار الاغلبية وأن قرارا يلزم امريكا بسحب قواتها صدر في وقت سابق من مجلس النواب العراقي ويجب تطبيقه، وعلى هذه القوى أن توحد خطابها وجهودها وتصر على تطبيق هذا القرار.

وبغير ذلك فإن العراق يسير بسرعة نحو اللادولة وسيتحول الى كيان يتحكم به ضابط اتصالات في السفارة الامريكية او في قاعدة عين الاسد وستتم مصادرة ثرواته وتجويع شعبه وهذا ما لايليق بالعراق وشعبه وتاريخه العظيم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك