عدنان جواد ||
منذ حكم البعث بقيادة صدام حسين، لم نرى بنيان أو عمران باستثناء القصور ومزارع العائلة الحاكمة، وتوزيع قطع الاراضي للضباط ومنتسبي الأجهزة الامنية فقط، كل الذي جنيناه كذب وحروب خاسرة، فاحرقت المليارات من الدولارات، من أجل صناعة صواريخ واسلحة كيميائية وبايلوجية، دمر بها شعبة قبل أن يدمر الشعوب المجاورة، ولازلنا ندفع فاتورة تلك الحروب، وطوال هذه العقود بقت المدن على حالها، ولم تبنى أي مجمعات سكنية أو توزع اراضي، فحدث الانفجار السكاني.
بعد عام 2003 انهارت الدولة بكل مؤسساتها، وذهب النظام الظالم، الذي كان يمنع أي تنقل أو تجاوز، ويستخدم اشد العقوبات، فلا يستطيع المواطن وضع مواد البناء أمام بيته الذي يبنيه، فكيف يستطيع التجاوز، وعندما ذهب السجان والجلاد والرفيق والوكيل والشمشوم والجيش الشعبي والحرس الخاص، اخذت الناس بالاستيلاء على الأرض الفارغة وتحويلها إلى مساكن، تم بناؤها بمواد بسيطة، من بلوك ( وتنك) لذلك سميت باحياء التنك، وكل هذا حدث بعد أن شاهدت الناس الذين اتوا مع الامريكان يستولون على القصور والاماكن المهمة وخاصة في بغداد، فيقطعون الشوارع ، ويقيمون السيطرات، فينهبون وزارات الدولة ومؤسساتها، فشجع الناس التي عاشت الحصار والحاجة والعوز على التجاوز والحواسم، ومنذ ذلك اليوم وإلى يومنا هذا فالتجاوز تقوم به عصابات تابعة لاحزاب نافذة، لا يمكن محاسبتها وايقافها، فتحولت الساحات العامة وارض تابعة للدولة إلى أحياء سكنية، بعضها زراعية والأخرى تسمى حواسم، لأنها استحوذ عليها أحد الأشخاص النفاذين من دون سند قانوني وهي عاىدة لأحد وزارات الدولة.
فانتقل التجاوز إلى الرصيف، وإلى الشارع العام، والجزرات الوسطية، واخذ المتجاوزون بالتفنن بتحويل الأماكن المتجاوز عليها إلى محلات تجارية، واسواق وعمارات سكنية، بالاتفاق مع موظفي البلدية، فشوهت معالم المدن ومخططاتها الهندسية.
بعد حادثة قتل مدير بلدية كربلاء، من قبل أحد المتجاوزين، عندما أمر المدير برفع التجاوز، والمفارقة أن القوة المسؤولة عن حمايته هربت من مكان الحادث، لأن الشرطي والجندي يخاف سطوة العشاىر والاحزاب لأنها أقوى من قانون الدولة التنفيذية، حضر رئيس مجلس الوزراء لمكان الحادث، وأمر برفع التجاوزات في جميع مدن العراق، عفوا باستثناء الاقليم، لكن التساؤل هل يستطيع أن يرفع تجاوزات يسكنها مىات الآلاف من الناس، واين يذهب مثل هؤلاء، وهل يستطيع مجابهة عصابات ومقاولين، تشعبت علاقاتهم في الدولة وسلطاتها واحزابها، وهل يستطيع رفع تجاوزات قادة واحزاب هو من ضمنهم على املاك الدولة؟!