احترام المشرف ||
ذلك الضيف الذي يأتي دون دعوة مسبقة، ويحل دون ترحيب. ويبقى وهو غير مرغوب فيه،
ورغم كل هذا الامتعاض من زيارته إلا أن الكل يقوم بخدمة هذا الضيف والصبر عليه. ومداراته وتلبية طلباته، ومواسات من اختار هُذآ الزائر أن تكون إقامته في جسده، وتذكيره بالأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى إن هو صبر واحتسب، وأن يعلم أن هذا الزائر لابد أن يرحل ويعود كل شئ لوضعه،
المرض؟
هو ذلك الضيف الثقيل، الذي يأتي فيغير كل شيء بقدومه ولايهدأ أحد أو يستكين إلا عندما يرحل،
أما إذا أعلن إقامته الدائمة وعدم الرحيل، فهنا تكون الرزية أو المحنة أوسمها ما شئت، قدنختلف على التسمية وابداً لن نختلف علـى المعنى، فمكوثه وعدم رحيله يعنى الألام والأوجاع والآهات الخافتة والأنات الملتهبة، هذا بمن حل في جسده، أمامنهم في محيطة، فيصيبهم ما لايقل عن نصيب مريضهم، فلهم الألم المعنوي، والوجع النفسي، عندما يروا من يعز عليهم أهاته يتقلب في أحضان المرض،
إنه يقسم بينهم المعانات فهذا يتألم جسديا، وذاك يتألم معنويا، وهذا يسهره الألم، وذاك يؤرقه أن يراه متألما،
ويستمر هذا الزائر في العبث بجسد هذآ، ونفسية ذاك، لايثنيه دواء ولا استطباب أو أطباء، حتى يأذن ڵـهٍ الله بالرحيل،
المرض، لاأحد يريده، ولاأحد يعرف في أي وقت يأتي، وبأي عمر يأتي، وتكون زيارته، المرض غير المستحب زيارته، فكيف إذا زار جسدطفل، لم تتفتح عيناه للحياة بعد، أو أقام في جسد غض، مازال في ريعان الشباب، وما أن تبدأ زهرة شبابه بالتفتح إذا بها تذبل وبدل من أن تسقى بماء الشباب الحلو إذا بها تسقى بالدواء المر،
وكأني بهذا الزائر، يريد أن يرينا كيف هو مبدع في تغيير أدوار الحياة بين الناس، كيف لا وهو من يجعلنا نرى من سنوات عمره في الربيع، وأسارير وجهه في الخريف، هو من يبدل ضحكات الطفل إلى أنات موجعة ڵـه، مؤلمة لمن يسمعه، هو من ينشب أظافره دون رحمة في الأجساد ويظل ينهش فيها حتى تذبل زهرتها ويجف رونقها وتودع ربيعها، وتظل ماكثة في خريفها ولايختلف عليها الليل من النهار، لأنها لاتهنأ بليل لتستقر وتنام، ولاتفرح بشمس ليزول عنها الظلام،
ولن يفهم ويعرف هذه الصفات إلا من هو لابس لثوب السقم، متقلب في فراش المرض، أو من كتب عليه القدر أن يظل في جانبه يرى من حكم عليه بهذا الامتحان، وهو يكتوي برمضاء الوجع، وقد انطبقت التسمية عليه فعلاً عندما يقال لمن يكون في جانب المريض أنه مرافق، فهو الرفيق الذي يتحمل مـِْن ألم من رافقه نصفه تماما وإن كان بشكل لايرى،
المرض هو الامتحان في الحياة لأنه يجعلك تفقد جمال الحياة وتتمنى زوال الحياة، إنه الأقسى والأشد من الموت،
https://telegram.me/buratha