رجاء اليمني ||
أي انسان يدرج على هذا الكوكب هو في دائرة الابتلاء من قبل الله سبحانه وتعالى، حتى أن الرواية الشريفة تقول: «ولو كان المؤمن على رأس جبل لقيض الله عز وجل له من يؤذيه ليأجره على ذلك» ، الحياة بنيت على الكدر والابتلاء والامتحان
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾، اذن الفتنة، الامتحان، الابتلاء، الغربلة من الامور التي اصّل لها الشارع المقدس من خلال القرآن العظيم والسنة المطهرة، لم يهرب من البلاء حتى الانبياء والاولياء وهم الاقرب الى الله سبحانه وتعالى، هناك من الانبياء من مثّل بهم بعد قتلهم ومنهم من احرقت اجسادهم وهناك من الاولياء ما قد علمتم، فالمولى علي (ع) لم يخرج من الدنيا وهو الامام العادل الصالح المصلح والذي يعتبر النسخة الثانية المصغرة من النبي (ص) إلا وهو مخضب بدمائه المقدسة في محراب الشهادة، كذلك الزهراء سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين، فبعد ارتحال النبي الاعظم (ص) صبت عليها من المصائب ما لو فرّق على حي لقضى عليه، أيضا الامام الحسن (ع) لم يكن بعيداً عن ذلك حيث دس السم له من داخل بيته، واما مشهد الطف المتمثل في مقتل سيد الشهداء (ع) فحدث ولا حرج، قتل، مثلة، سبي وما وراءه، اذن كيف بالذين هم ليسوا في هذه المقامات وهذه المراتب من الطبيعي ان يتعرضوا للأذى غاية ما في الأمر يختلف الاذى والابتلاء من شخص الى شخص آخر ويختلف واقع ذلك الشخص فيما لو كان في مكان عن مكان وفي زمان عن زمان آخر وعلى يدي من يجري البلاء والابتلاء، احياناً يبتلى الانسان بزوجة غير صالحة وفي القرآن أمثلة موجودة، قد يبتلى الانسان بأبناء، اصلاً قد يبتلى الانسان بآباء وأمهات والعياذ بالله ليسوا على مستوى الابوة والأمومة وهذا شاهد حال موجود فما بالك بجار لك او شريك في عمل او... حيث تجد البلاء يصب عليك صبا من حيث تحتسب ومن حيث لا تحتسب.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)
لقد وردت عبارة ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ وما في معناها كثيراً في القرآن الكريم جاءت لتؤكّد بهذا التكرار أنّ الاختبار والامتحان هو قانون وسنّة إلهيّة شاملة لكلّ النّاس طالما أنّهم في دار التكليف دار الدّنيا فالإنسان جُعل في دار الدّنيا لا لأجل الدّنيا فإنّ الدّنيا حياة ونشأة من نشآت الوجود الإنسانيّ يعبرها الإنسان في مدّة محدودة وقصيره ليصير بعدها إلى دار مستقرّه ودار خلوده والدّار التي هي آخر منازله والمملوءة حياة: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ)
قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) . فهذه الآية تقول: إنّ البلاء والابتلاء والاختبار كما يكون بما تكره النفوس وما يؤلمها وهو المفهوم عند النّاس كذلك يكون بالمحبوب لها والمرغوب عندها من نعم ومناصب. ولكنّ الله تعالى يقول: إنّ ذلك "فتنة" أي تمييزٌ للنّفوس، إذ إنّ بعض النّفوس يزلزلها النعيم ويخرجها عن الصراط المستقيم، أو يربّي فيها الشكر ومعرفة النّعمة والمنعم وأخرى بالعكس، وقد ذكرت الروايات آثاراً وبركات للبلاء والابتلاء جمعتها الرواية التالية عن الإمام عليّ عليه السلام: "إنّ البلاء للظالم أدب وللمؤمن امتحان وللأنبياء درجة"
ومن انواع الابتلاء، الله سبحانه وتعالى عندما يعطيك علم عليك أن تتواضع، اذا أعطاك مال تحسس غيرك، اذا أعطاك جاه ابذل منه في صالح الامة من حولك، هكذا كان أئمتنا عليهم السلام ولذلك سمي امير المؤمنين علي (ع) بأبي تراب، وهذا وسام شرف، الامام علي (ع) كان اذا جاء له ضيف يتدنى هو عن جعد شاة ويجلس الضيف القادم عليها ويجلس هو على التراب! لذلك سموه ابو تراب، فالإمام (ع) تواضع لله فرفعه الله، واين ذهبوا الذين تجبروا في ايام الامام علي (ع).
من ذلك نستنتج أن ما تمر به الأوطان من حروب ومن ثبات في وجه الطغاة ومن. نعمة أيام الحروب للبعض ماهي إلا ابتلاء من الله ليعلم الثابتين الصادقين ويعلم الذين في قلوبهم مرض فضلوا عن الطريق المستقيم وفي ذلك ابتلاء لكل البشر وعلى ذلك قس كل الأحداث التي تحصل في حياتك وأعلم بأنك في دار امتحان فلا تبرر الأخطاء وأعلم بأنه لابد من فرز الأوراق لمعرفة النتائج وأن هذه الدنيا دار فناء غير مستقرة نهائيا و إنما وجدت للامتحان والبلاء و الكرب. حتي النعمة التي يحصل عليها شخص هي مجرد ابتلاء من الله ليعرف كيف يتصرف الإنسان بهذه النعم فلابد من مراقبة الله في كل الأمور. والاقتداء بالأنبياء و الأولياء في حياتهم الذين هم سفينة النجاة لمن أرد الفوز في الدارين وأن الإنسان على نفسه بصير
والعاقبة للمتقين
https://telegram.me/buratha