عدنان جواد ||
في الاحلام قد يطير الانسان في الفضاء وربما يتسلق الجبال ويركب البحار، وحتى يصبح رئيسا ووزيرا ومديرا، وموظفا محترما يامر وينهي لانه خبير!، وربما يتزوج فتاة جميلة، واحيانا يكون بطلا رياضيا وبحركة مفاجئة يسقط خصمة ارضا بالقاضية لانه كان ملاكما، لكن يستيقظ من نومه وينقطع حلمه بعد ان سقط من سريره المتهالك الذي لايتحمل الحركات الحلمانية العنيفة، فيتمنى ان يعود لحلمه الخيالي الجميل ، وان لا يعود لذلك الواقع المزري المحزن والمبكي الذليل، لذلك ترى اغلب العاطلين عن العمل يفضلون النوم الطويل.
لذلك تجد أغلب المتصدين للعمل السياسي ينادون بالاصلاح، ومحاسبة الفاسدين، وخاصة رؤوس الفساد الكبيرة، ولكن هم اغلبهم أما حوت كبير او تابع لحوت، لذلك ستبقى الاصلاحات مجرد دعايات انتخابية تنتهي بعد الوصول للسلطة والبقاء فيها، فدائما ما تتخذ مواقف مغايره لكلامها على الاعلام، فهي تساند الاصلاحات في الكلام وتعرقله بالفعل!
فالنظام الحالي تم تاسيسه من اجل تقاسم الكعكة بجمع الاموال وتوزيعها بين الشركاء من شخصيات واحزاب، فلا يمكن التنازل عن امبراطوريات مالية وشركات وقصور وشقق في الدول الاجنبية والعربية، وامتيازات ومناصب فكيف تريد المرجعية وبعض فئات الشعب من الطبقة المحكومةالفقيرة، أن يترك هؤلاء المزايا والمناصب التي حصلوا عليها، فكيف تطلب منه ان يعالج نفسه وعائلته في المستشفيات الحكومية كما يعالج المواطن العادي! الذي غالبا ما يكون مصيره الاخير الموت، فهو يتعالج في ارقى مستشفيات العالم هذا اذا مرض، ويقبل ابنائهم بافضل الجامعات العالمية وخاصة الأمريكية وأحسن البعثات الدبلوماسية ، ويتعيين جميع افراد اسرته واقاربه ومن يلوذ به بافضل الدوائر في الحكومة العراقية، ويتم اصدار الهوية والمستمسكات والجواز بدقائق وبدون حضوره للدوائر الرسمية، بينما يعاني المواطن العادي الروتين المرير، ولا يمكن ان ينتظر في ازدحام مروري طويل فهو مسؤول وحمايته تفتح الطريق بقوة السلاح (وغصبن )على المرور.
ان الملك عقيم ولا يمكن التنازل عنه بدافع الانسانية وحقوق البشرية وخاصة في بلادنا العربية ، فدائما نصفق للسارق فنجعله سيدا محترما، بل بعضنا يمنحه قدسية ويدخله شريك للمعبود، والمحترم الملتزم بالقانون والدين نجعله ذليلا، فالمشروع بالاصل ليس مشروع دولة ولا حكومة تخدم الشعب كما يتصور البعض، وانما ديمقراطية شكلية وفساد مستشري وفقر مزري، والدولة الفاشلة لاتحتاج الى كفاءة ومزايا خاصة لتدير الامور بقدر احتياجها للمتملقين والانتهازيين والكذابين لتمشية الامور.
وربما يسمع البعض شعارات تطلقها بعض الاحزاب منها القضاء على الفساد، والعدالة والتوازن، فهي لاتعني الفساد الذي نفهمة التعدي على المال العام، وانما التجاوز على الحصص فيما بينهم والاخلال بالاتفاق الذي تشكلت بموجبه الحكومات!، في تقاسم الغنيمة والعدالة لاتعني العدالة الاجتماعية وانما العدالة في التوزيع بين الاحزاب، اما التوازن الذي اثار الناس وطبلت له القنوات الفضائية بحجة التوازن الشعبي ، ولكن المقصود هو توزيع المناصب والاموال بين الشركاء وخير شاهد ما يعاني النازحون والمهجرون ومن سرقهم!!.
لذلك فمشروع الاصلاح مجرد حلم وسوف تفشله الاحزاب الحاكمة، فهم سوف يعطلون ويسوفون ويؤخرون ويوهنون ويضعفون وحتى يهددون ، و سيدفع الثمن الشعب نفسه وبمن يدعوا إلى الاصلاح بصورة جادة ، والذي غالباً ما يتعرض للاغتيال او الفاق التهم به ويصبح هو السارق!.
غالبا ما يتم تغيير الانظمة المتسلطة بالثورات التي تقوم بها الشعوب، او بالانقلابات وهي مجربة وقد سببت الكوارث، فالامر يتطلب معرفة الصادق من المرشحين، وخاصة الذين ضحوا باموالهم وانفسهم للحفاظ على الوطن، وعدم الركون الى الهدوء والجمود والمطالبة بالحقوق ، فما ضاع حق وورائه مطالب، والا فسيصبح الاصلاح مجرد حلم وشعار يردد ويزول وتعود المعاناة ويستمر الظالم بظلمه والفاسد بفساده والفقير بفقره والخريج عاطلا، والكفوء وحامل الشهادة مهاجرا، والطبيب مهانا ، والفنان محتقرا، ويستمر نظام الغابة فالقوي يعيش والضعيف يسحق .
ـــــــ
https://telegram.me/buratha