المقالات

اصلاح الحيز السياسي


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

مع القول باهمية استقلالية "الحيز السياسي" عن غيره من المجالات في المجتمع، الا ان تأثيره على هذه المجالات، الاقتصادية والدينية والاجتماعية وغيرها مما لا يمكن نكرانه او تجاهله. وانا استعير هنا مصطلح "الحيز السياسي" من عالم الاجتماع الفرنسي برتران بادي في كتابه "الدولتان" الذي صدر عام ١٩٨٦ وترجم الى العربية عام ٢٠١٧.

ولذا فان اي خلل يحصل في الحيز السياسي سرعان ما يتمدد الى المجالات الاخرى. والعكس بالعكس.

ولذا فان اصلاح الخلل في الحيز السياسي وبناءه على اسس حضارية سليمة هو من شروط اقامة مجتمع صالح، حسن التنظيم في مختلف المجالات.

والديمقراطية هي العنوان الرئيسي في اصلاح الحيز السياسي، في حين ان الاستبداد هو ذروة الفساد فيه.

ولهذا فان الامام الحسين مثلا حين اعلن الثورة من اجل الاصلاح في امة جده، فانه كان يقصد اصلاح الخلل الحاد الذي حصل في الحيز السياسي للمجتمع الاسلامي انذاك والمتمثل باستيلاء معاوية على السلطة وتحويله الخلافة النبوية الى ملكية وراثية مستبدة.

ولهذا فان اية دعوة للاصلاح في المجتمع العراقي الحالي يجب ان تتضمن اصلاح الحيز السياسي في المجتمع ومعالجة الاختلالات الحادة فيه، وعلى رأسها: تراجع مبدأ المواطنة، وافراغ العملية السياسية من محتواها الديمقراطي، وتحجيم المشاركة الشعبية في الحياة السياسية، وتضاؤل دور المؤسسات الدستورية وعلى رأسها البرلمان، والمؤثرات السلبية على الانتخابات مثل المال السياسي والسلاح المنفلت، وميوعة سيادة القانون، والكثرة المفرطة في عدد الأحزاب السياسية، وتعاظم نفوذ "المبشرين بالسلطة" على حساب الشعب عامة والناخبين خاصة، وظهور الاقطاعيات السياسية، وتحلل امر الدولة، وغير ذلك من الظواهر المرضية التي يعاني منها الحيز السياسي في العراق الان.

ويتحقق اصلاح الحيز السياسي عن طريق اصلاح النظام الانتخابي، واصلاح النظام الحزبي، واصلاح النظام البرلماني، واعادة هيبة الدولة، واخيرا: تشكيل حكومة اغلبية سياسية منسجمة تقابلها معارضة برلمانية فاعلة ونشطة.

اخيرا لابد ان اذكر ان اصلاح الحيز السياسي، بل قيام الحيز السياسي، يشكل الارضية اللازمة لقيام الدولة الحضارية الحديثة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك