بهاء الخزعلي||
نظرا للتغيرات العالمية الحاصلة في الوقت الحالي، والتغير في ثوابت الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث لم تعد الولايات المتحدة متمسكة بإستيراد النفط من دول الخليج العربي، وعوضا عن ذلك رفعت من نسب إستيرادها للنفط من المكسيك وكندا و روسيا، كما أنها تعتمد الأن بشكل كبير على أستثمار النفط الصخري.
أما بالنسبة للثابت الآخر وهو ضمان أمن الكيان الصهيوني، فقد قامت الولايات المتحدة بأتخاذ عدة اجرائات لتأمين ذلك قبل الانسحاب التدريجي من المنطقة، والذي بات من أولوياتها الحالية بسبب التهديد الصيني، خصوصا بعد المناورات العسكرية الصينية الأخيرة والتي خرقة بها أجواء تايوان مرتين، لذلك ترى الولايات المتحدة أن مسألة بقائها في الشرق الأوسط مجرد وقت، وبذلك أرتأت تسليم ملف العراق إلى الكيان الصهيوني، وسنوضح ذلك من خلال عدة معطيات منها....
*نقل قوات الكيان الصهيوني الى الإدارة العسكرية المركزية الوسطى، لتمكن الكيان الصهيوني من التواجد في جميع قواعدها الحالية في المنطقة.
*دفع الولايات المتحدة ببعض حلفائها العرب للانتقال من التطبيع السري الى التطبيع العلني بأتفاق إبراهام، لطمئنة الكيان الصهيوني بوجود حلفاء أقليميين يقفون معهم ضد محور المقاومة في حال أضطرت للمواجهة العسكرية.
*تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والأردن وبناء قواعد عسكرية كبيرة فيها، وكما ذكرنا سلفا إمكانية التواجد الإسرائيلي في تلك القواعد سيمكنها من تكوين ساتر متقدم لها، في حال اضطرت للدخول في اي مواجهة عسكرية محتملة.
*إنشاء معهد إبراهام للسلام برئاسة كوشنر في الكيان الصهيوني، وأدراج رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي، حاييم سابان، الداعم للحزب الديمقراطي الأميركي، كجزء من الجهود في بيان صادر عن المجموعة التي أسسها كوشنر، والتي وصفت نفسها بأنها غير حزبية، ولم تجعل مكان ذلك المعهد في الولايات المتحدة بالرغم من أن المدراء التنفيذيين للمعهد يحملون الجنسية الأميركية.
*تجميد صندوق إبراهام الذي يدعم الاتفاقية الابراهيمية للتطبيع بقرار من بايدن، فالولايات المتحدة ترى أن المستفيد الأول من هذا المشروع هو الكيان الصهيوني، وكذلك أعتبرت أن جميع المشاريع المنبثقة من ذلك المشروع هي مشاريع إقليمية، لذلك ضغطت على بعض الدول العربية للانتقال من التطبيع السري الى العلني، لتتكفل تلك الدول المطبعة بقضية تمويل ذلك المشروع، وأخذت الإمارات ذلك الأمر على عاتقها حيث أنشأت صندوق ابراهام إماراتي إسرائيلي كبديل للصندوق الأميركي.
*العمليات العسكرية التي أعلنت عنها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بإستهداف مقرات تابعة للكيان الصهيوني في إقليم كردستان العراق.
*أزدياد العمليات الإرهابية على الحدود الإيرانية العراقية من قبل حزب البيجاك (المعارضة الكردية الإيرانية)، والذي يعرف بتعاونه مع الكيان الصهيوني، كنوع من الرد على العمليات العسكرية التي قامت بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي أستهدفت بها مواقع للموساد في أقليم كردستان العراق.
*إستهداف مخازن السلاح للحشد الشعبي في المحافظات الفرات الاوسط، ومواقعه على الشريط الحدودي السوري العراقي، الذي يعتبر منطقة حيوية إستراتيجية لمحور المقاومة، والذي تنصلت عنه إدارة الولايات المتحدة وقيادة قوات التحالف في العراق رسميا.
*ازدياد العمليات الإرهابية في المناطق المتنازع عليها، لتسهيل تنفيذ مشروع إعادة الكرد اليهود وتوطينهم في تلك المناطق.
*الهجمات الإعلامية الممنهجة على الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، والتأكيد المستمر على فشل ساسة المكون الشيعي بإدارة موارد البلاد، وسياسة الافقار والتجويع التي تمارس على محافظات الوسط والجنوب بأعتبارهم الحاضنة الأساسية للحشد الشعبي وفصائل المقاومة الذين يمثلون تهديد للكيان الصهيوني.
*أعلان الكيان الصهيوني عن عودة ضباط ومهندسين اسرائيلين من العراق للكيان الصهيوني، حيث كانوا يقومون بأعمار قبر النبي ناحوم في سهل نينوى، وهم متواجدون في العراق منذ عام ٢٠١٧ ويقوم بحمايتهم فريق من الأجهزة الأمنية في أقليم كردستان.
*الاختراق الذي قامت به ممثلة منظمة (OSHA) لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة هيلاري ستافر والتي تواجدت في العراق منذ عام ٢٠١٨ وسط المنطقة الخضراء، وبكل تأكيد هي تمكنة من ذلك بأستخدام جوازها الأميركي، وبمساعدة الأمم المتحدة، رغم أنها في عام ٢٠٠٨ كانت سفير عن الكيان الصهيوني في المنظمة.
*مؤتمر الذل والخيانة الذي أقيم في أربيل، والذي أطلقت به بيانات راغبة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل علني، من قبل بعض النكرات من المحسوبين على الشعب العراقي.
*مباشرة أمانة مجلس الوزراء ببناء المدينة الابراهيمية الأثرية في أور، فأن كانت ضرورة أعمار الآثار تنبع عن رغبة وطنية حقيقية لماذا يربط اسمها بالمشروع الإبراهيمي؟؟
لماذا لا يسمى المشروع بأعمار آثار مدينة أور الأثرية العراقية.
وبذلك يتضح لنا فتور الدور الأميركي في العراق مع ازدياد الدور للكيان الصهيوني، للعمل على مخطط تجزئة العراق وتفتيت اللحمة الوطنية فيه، متخذين من أقليم كردستان قاعدة انطلاق لمشاريعهم في العراق، مستغلين رغبة الكرد بأقامة دولة كردية، حيث تمثل عودة الكرد اليهود للعراق هدف أساسي لأقامة تلك الدولة الكردية، ومع ارتفاع مطالبات البعض من المكون السني لأقامة اقليم في الانبار بدعم أماراتي، مع قناعة الكيان الصهيوني برفض للمكون الشيعي لقضية التطبيع، قد تدعم سيناريو التجزئة وجر الآخرين للتطبيع كلا على حدة.