محمد الكعبي ||
تناولنا في مقال سابق تعريف الكيبتوقراطية ومنشأها واليوم نحاول ان نقف على اقسامها ولو باختصار، (وما لا يدرك كله لا يترك جله)، وينقسم الكيبتوقراطيون إلى فئتين:
الأولى الحكومة المتمثلة برأس الهرم ومن يشترك معها في ادارة البلد من خلال تطويع جميع الدولة ومؤسساتها، وتتحكم بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ورسمية أو غير رسمية.
الفئة الثانية: هي ادنى من الأولى وتكون عبارة عن شبكات فساد ممتدة طولا وعرضا بين مفاصل الدولة، وتدخل في منافسة علنية وعنيفة مع الدولة أو مع المنافسين لها، وتحاول الاستحواذ على الحكومات المحلية لأنها الأكثر ضعفا من الحكومة المركزية، وقد يكون عملها غير مرتبط بالنخب السياسية في الحكومة المركزية ولا تأتمر بقراراتها.
وتنتشر في ضل حكومة اللصوص العمالة للخارج وتجارة المخدرات والاسلحة والدعارة، والاستيلاء على المياه والاراضي العامة والنفط والغاز والمطارات والمنافذ الحدودية وجميع مصادر المال، وغاية النظام اللصوصي هو السيطرة والاستحواذ على كل شيء، بل تصل في بعض الاحيان إلى الصراع بين المافيات أو بين السياسيين واحزابهم على تلك الموارد حتى تصل إلى الصراع الصفري، ويحاول الكيبتوقراطيون تجهيل الجماهير واستغفالها تحت عناوين مختلفة ومتنوعة كالديمقراطية، المدنية، الحداثة، الدين، القومية، العنصرية والوطني، وتحاول بسط نفوذها بكل مفاصل المجتمع بل حتى تفرض ايديولوجيتها على التعليم وعلى مراكز القوة والمال والقضاء.
يمكن معالجة و تقليل خطر هذه الانظمة من خلال تفعيل القانون وتسييده على الجميع واخضاع الكل إلى سلطته وتقوية القضاء والاجهزة الامنية والرقابية وجعل القضاء مستقلاً تماماً، وتحجيم دور الاحزاب ونفوذها واخضاعها إلى سلطة الحكومة وسن قوانين تنظم عملها ونشاطاتها، مع تفعيل دور البرلمان خصوصا المعارضة الفاعلة في البرلمان والتي تراقب وتحاسب وتقيم عمل الحكومة وجميع الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ونحتاج إلى الشفافية في الاعلام وكشف الفساد واطلاع الجماهير على سياسة الحكومة وعلى سير التحقيقات بما يسمح به القانون والظروف، وتكثيف فرق المتابعة، وتشكيل هيئات ومنظمات مستقلة وطنية جماهيرية مع مشاركة الاعلام بكل مفاصله في هذه المهمة ولابد من مشاركة النخب الوطنية والكفوءة في أدارة البلد لتتحمل مسؤولية التصدي لهكذا أنظمة فاسدة، مع تثقيف المجتمع من خلال النهوض بالواقع التعليمي والثقافي والاجتماعي، وينبغي الاستعانة بالمؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية النزيهة والرصينة في كشف الفساد ومحاسبة المقصرين ولابد من العمل على بناء جيل سليم ناضج ابتداءً من المدرسة وصولاً إلى الجامعة وعدم اهمال جميع مرافق الحياة وتشعباتها وهي عملية قد تكون صعبة لكنها غير مستحيلة وقد تستغرق وقت لكن الظفر حليف الشعوب الحية النابضة المتحركة التي تحب ان تكون بالمقدمة ولاترضى أن تكون هامشية فالهامشي لا يبني امة، بل تسحقه اقدام الجبابرة وتلقي به في مزبلة التأريخ.
الخيار بيد الانسان اما ان يكون أو لايكون، بيده أن يصبح انسان ذو كرامة أو يصبح عبدا يسيره غيره ويحمل عليه الاثقال، وهذا لايحقق البناء الانساني الا بالعلم والايمان.