جمعة العطواني *||
نتائجُ الانتخاباتِ لا تُحسَب بلغةِ الارقامِ فقط، فأَعدادُ المقاعدِ هي احدى الحساباتِ السياسيةِ، وربما اقلها تاثيرا على صناعة التحالفاتِ وتشكيلِ الحكوماتِ وبناءِ العلاقات .
يشعرُ جمهورُ وبعضُ قياداتِ الاطار التنسيقي الشيعي انهم خسروا عشرات المقاعدِ في هذه الانتخاباتِ، وبالتالي فانهم في حرجٍ كبيرٍ ازاء جمهورهم بسبب قلةِ مقاعدهم، وعدم قدرتهم على تشكيلِ كتلةٍ أكبر، او تسمية رئيس الوزراء في الحكومة القادمة .
هذا التصورُ عند عرضهِ على طبيعةِ الحراكِ السياسي، ومقارنتهِ بتجربةِ الحكوماتِ السابقةِ نرى عدم دقتهِ، او على احسن التقادير انه يعبر عن تصورٍ من زوايةٍ واحدة واهمالِ بقية الزوايا التي تُعَد اركانا اسياسية في البناءات السياسية وتشكيل الحكومات المتعاقبة .
عند العودة الى انتخابات عام ٢٠١٤ نجد ان ائتلاف دولة القانون حصد اعلى المقاعد بلا منافس، الا انه لم يستطع ان يقدم زعيمه السيد المالكي لولاية ثالثة، فكانت من نصيب السيد حيدر العبادي الذي لم يحصل على اكثر من خمسة الاف صوتا .
انتخابات عام ٢٠١٨ حصل تحالف الفتح على اكثر من ٤٧ مقعدا، وانضمَ اليه تحالف السيد فالح الفياض باكثر من ١٥ مقعد ، فضلا عن ائتلاف دولة القانون(٢٥) مقعدا ،لكنهم اضطر او الى التحالف مع التيار الصدري، وتيار الحكمةِ وائتلاف النصر ، بالاضافةِ الى ائتلافِ دولة القانون ليتفقوا على مرشح لم يشارك اساسا بالانتخابات وهو السيد عادل عبد المهدي .
اما رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي فقد حصل على رئاسة الوزراء بعيدا عن اي استحقاق انتخابي او رقم برلماني ، اذ جاء بناءا على رغبة رئيس الجمهورية الذي وصل هو الاخر الى رئاسة الجمهورية بصفقة سياسية معروفة، بالنتيجة حصل توافق سياسي على الكاظمي لرئاسة الوزراء .
في انتخابات عام ٢٠١٨ خسر تحالف الفتح وائتلاف دولة القانون حليفين مهمين انذاك وهما تيار الحكمة وائتلاف النصر ، اذ تحالفا مع التيار الصدري لتشكيل اغلبية ولم يفلحْ الجميعُ في تحقيقِ الاغلبيةِ لاعتبارات كثيرة.
اليوم في هذه الانتخابات ترى ان مجموعةَ تحالفات ( القانون والفتح والعقد الوطني مع قوى الدولة وبعض المستقلين ) يصل الى ثمانين مقعدا او يزيدون، بينما كان تحالف الفتح مع دولة القانون والفياض بلغوا عتبة الثمانين مقعدًا او يزيدون قليلا سابقا .
في جميع الاحوال وبلغة الارقام فان تحالف الاطار اما انه لم يخسر مقاعد عن انتخابات عام ٢٠١٨ ، او انه خسر بعض المقاعد لكنه ربح الكثير ، كيف؟.
ذكرنا سابقا ان الارقامَ العدديةَ لنتائج الانتخاباتِ تمثل خطوة اولى باتجاه تشكيل التحالفات ومن ثم الحكومة ، وكانت التحالفاتُ في انتخاباتِ عام ٢٠١٨ متوازنة من حيث الاعداد البرلمانية والاوزان السياسية، ففي كل فريق من شطري التحالفين الشيعين( الاصلاح ) و ( البناء) توجد زعامات سياسية لها وزنها السياسي والمقبولية الوطنية لدى الفضاء الوطني .
اما انتخابات عام ٢٠٢١ فان كفة الاوزان السياسية باتت بشكل كامل لصالح الاطار التنسيقي حيث( المالكي والعامري والحكيم والعبادي والفياض ،وكذلك الشيخ الخزعلي ) في كفة، و ( التيار الصدري متمثلا بالسيد مقتدى الصدر لوحده) في كفة اخرى .
المقاييس بعد الانتخابات وفق التحالفات ( الشيعية والسنية والكوردية ) لاتنظر الى اعداد برلمانية فحسب، بل تاخذ بنظر الاعتبار الاوزان السياسية للزعامات ايضا)، لهذا يقول الكورد وحتى السنة انهم يتحالفون مع المكون الشيعي ، ويقصدون بالمكون الشيعي ذلك المكون الذي يضم زعامات سياسية شيعية لهم معهم تاريخ سياسي، وتجربة سياسية وبمجموعهم يمثلون غالبية المكون الشيعي .
بالنتيجة فان زيادة كتلة السيد مقتدى لعشرة مقاعد على احسن التقادير ان لم تكن اقل من قوى الاطار ، لكن هذا الزيادة المفترضة لا تعوض خسارة السيد مقتدى لحلفاء مهمين من حيث الوزن السياسي في نظر قيادات السنة والكورد من امثال السيد عمار الحكيم وحيدر العبادي.
لذلك نتصور ان كتلة سائرون في انتخابات عام ٢٠١٨ اكثر تاثيرا في صنع القرار وتشكيل الحكومة من انتخابات عام ٢٠١٢ رغم زيادة مقاعدها في هذه الانتخابات، كونها كانت تضم نصف قيادات الشيعة لهم وزنهم السياسي وعلاقاتهم الدولية والاقليمية ، وتاثيرهم في صنع القرار.
بالنتيجة الرابح في هذه الانتخابات هو الاكثر حضورا بزعاماته السياسية لا بارقامه الانتخابية.
*مركز افق للدراسات
https://telegram.me/buratha