المقالات

حكومة الاغلبية بشرطها وشروطها


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   حينما طرح نوري المالكي شعار حكومة الاغلبية السياسية قبل سنوات،  كتبت عدة مقالات في بيان شروط تشكيل حكومة اغلبية سياسية. ذلك ان تشكيل هذه الحكومة مرتبط بطبيعة النظام السياسي، ولابد من التاكد من ان الشروط التي يوفرها النظام السياسي ملائمة لتشكيل حكومة اغلبية سياسية.  ولتبسيط الكلام لنفترض ان هناك نوعين من الانظمة السياسية: نظام قائم على اساس المواطنة، ونظام قائم على اساس المكونات.  في نظام المواطنة يتم تطبيق الديمقراطية العددية، التي تظهر فيها اغلبية سياسية مقابل اقلية سياسية، وبالتالي حكومة اغلبية سياسية مقابل معارضة برلمانية.  وهذا من معالم او مظاهر النظام السياسي الدولة الحضارية الحديثة المطبق في دول عريقة ديمقراطيا مثل فرنسا وبريطانيا دول كثيرة اخرى. وكنا ومازلنا ندعو الى اتباع هذا الطريق في بناء الدولة العراقية وتنظيم حياتها السياسية. في هذا النظام يكون من الطبيعي، بل من السهل تشكيل حكومة اغلبية سياسية. ولكن الاحزاب التقليدية وربما معها جمهورها فضل السير في نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية.  ورغم وضوح مفاسد و مساوىء هذا النظام الا انه لم يتم التخلي عنه.  اما الدعوات القديمة والحديثة الى حكومة الاغلبية بمختلف اوصافها التي رفعتها اطراف شيعية مختلفة فلم تتضمن التخلي عن نظام المحاصصة والاستحقاق الانتخابي. ما يعني انها ليست خطوة حقيقية نحو دولة المواطنة.  اما في نظام المكونات، وهو المطبق في العراق، فلا يمكن تشكيل حكومة اغلبية سياسية، انما يتم تشكيل الحكومة على اساس مشاركة الجميع بموجب ما سمي بالاستحقاق الانتخابي. لان نظام المكونات يطبق الديمقراطية التوافقية. وبالتالي لا تظهر المعارضة البرلمانية الحقيقية.  لكن الدعوة الى تشكيل حكومة الاغلبية مازالت قائمة، مع بقاء نظام المكونات. وهذا تحدي جديد يواجهه الفكر السياسي وعليه ان يجد حلا لمشكلة تشكيل حكومة اغلبية سياسية في نظام مكونات. مع ملاحظة ان السياسيين الذين يدعون الى حكومة اغلبية لم يتقدموا بحل لهذه المشكلة. ويبقى السؤال كيف نشكل حكومة اغلبية سياسية مع بقاء المكونات؟ يتبادر الى الذهن وجوب تفكيك المكونات كشرط لتشكيل حكومة الاغلبية. بمعنى ان المكونات الثلاثة الاساسية حسب النظام الحالي (الكرد والشيعة والسنة) يجب ان تنقسم داخليا، فيذهب بعض اقسامها الى حكومة الاغلبية، فيما يذهب القسم الاخر من اقسامها، الاقل عددا، الى المعارضة.  ظاهريا، هذا الانقسام موجود، فالشيعة والسنة والاكراد منقسمون الى احزاب كثيرة متنافسة فيما بينها. وهذا يعني انه من الممكن نظريا ان يتم تشكيل الحكومة ببعض الشيعة وبعض السنة وبعض الاكراد. فيما تذهب الاقسام الاخرى (الشيعية والكردية والسنية) الى المعارضة.  ولكن حين يصل النقاش العملي الى تشكيل الحكومة، فان المكون السني والمكون الكردي يصران على ان يحافظ كل منهما على وحدته الداخلية، ولا يحبذان الانقسام الداخلي، ربما لانهم يشعرون بان ذلك يضعف قدرتهم التفاوضية حول تقاسم الحقائب الوزارية، فيما يبقى المكون الشيعي منقسما على نفسه بين "تيار" و "اطار" يسعى كل منهما الى تشكيل "الكتلة النيابية الاكثر عددا"، ومن ثم تولي رئاسة الحكومة، باستبعاد الطرف الاخر، باسم حكومة الاغلبية. وهذا امر غير منصف، بل مريب، لان ثمرة هذا التقسيم لمكون واحد اضعاف هذا المكون بدون وجه حق. بناء على هذا، فان تشكيل حكومة اغلبية سياسية في نظام مكوناتي اما ان يكون على اساس تفكيك كل المكونات، وليس الاقتصار على مكون دون اخر، او لا يكون، لانه لا يمكن الجمع بين نظامين سياسيين مختلفين في تشكيل حكومي واحد.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك