المقالات

تكريس الطائفية السياسية


  محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

شكّل الاجتماع المشترك الموسع الذي عقد في بغداد يوم ١٤ شهر كانون الاول  بين وفدي تحالف تقدم برئاسة محمد الحلبوسي وتحالف العزم برئاسة الشيخ خميس الخنجر، خطوة اخرى كبيرة باتجاه تكريس الطائفية السياسية في العراق.  فاولا، اقتصر الاجتماع على لون طائفي واحد؛ فهو اجتماع لسياسيي الطائفي، وليس لسياسيي العراق. وكل اجتماع مغلق هو طائفي بامتياز. وكل اجتماع طائفي لا يمكن ان يكون وطنيا. كلمة "الوطني" لا تطلق الا على ما كان عابرا للطوائف والقوميات. هذا اصل لا جدال فيه. طبعا يحق لاية مجموعة طائفية او قومية ان تعقد اجتماعاتها الخاصة، لكن لا يمكنها تسويق ذلك وكأنه اجتماع "وطني". تسمية الاشياء بمسمياتها يجعل امور البلد اوضح واسهل والعكس بالعكس. ولذلك تبدو الجملة التالية ادعاءً فارغا خاليا من المضمون وبعيدا عن المصداقية اذْ تقول:"تحت سقف العراق الواحد وخيمة الرغبة الصادقة في بناء عراق مزدهر." لأن الاصدق ان يقول البيان ان سياسي المكون السني عقدوا اجتماعا لبحث شؤون المكون السياسية الخ". وهذا ما اكدته بصدق العبارة التي تقول ان الاجتماع عقد "دفاعاً عن حقوق أهلنا وجمهورنا"، ثم تقول: "لتدارس سبل إخراج البلاد من الأزمة الراهنة وفق رؤية مشتركة".  ومع ان العبارة الاخيرة تشجع على امكانية واحتمال الخروج من الخندق الطائفي، الا ان البيان ينتكس مرة اخرى حين يشرع ببيان "ابرز مقررات الاجتماع"، وهي: "إعداد ورقة مشتركة تُعرض على الشركاء السياسيين،(=يقصد غير السنة وهم الاكراد والشيعة) وتتضمن رؤيةً موحدةً وأفكاراً حول الشراكة بإدارة القرار في الدولة، و قضايا المختفين قسرا، وإعادة النازحين، ومراعاة حقوق المحافظات المحررة في الموازنة العامة وتخصيص المبالغ اللازمة لإعادة إعمارها." وهذه مطالب حقة لا يمكن التغاضي عنها، لكنها تعبر عن مطالب المكون السني، دون ان يتطرق البيان الى ما يمكن اعتباره مطالب "المكون العراقي" الغائب عن كل الاجتماعات الطائفية او القومية المغلقة. فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، لم يتحدث البيان عن حكومة اغلبية او حكومة جماعية، وانما طرح مبدأ "الشراكة لا المشاركة". وهذا هم اخر.  وكشف البيان انه "تقرَّر تشكيل وفد تفاوضي موحَّد يضم تحالفي تقدم والعزم، للتفاوض مع بقية الشركاء" الشيعة والكرد طبعا، وهذا تكريس اخر للطائفية السياسية. ذلك ان ايا من الاحزاب او التحالفات المغلقة، طائفيا او قوميا، لم يفكر حتى الان بكسر التخوم الطائفية والقومية والعمل على تشكيل تحالف وطني، يحمل رؤية وطنية حضارية حديثة، "تلبي حاجة المواطن وتحفظ سيادة العراق وهيبة الدولة"، حسب العبارة التي استخدمها البيان، دون ان يشخص وقد وقع بأسر الرؤية الطائفية المغلقة ان هذا الامر لا يمكن تحقيقه الا بتلك الرؤية الوطنية الحضارية الحديثة.  للاسف، "ما في حدا احسن من حدا"، كما يقول اخواننا اللبنانيون، في الطبقة السياسية التي تريد البقاء في منصة الحكم!
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك