يونس الكعبي ||
منذ أنتهاء الأنتخابات البرلمانية لعام 2021 والحديث يدور عن هذين المصطلحين بكثرة وبتكرار، وتداولت وسائل الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي الكثير من التحليلات حول هذين الموضوعين، وأمتد النقاش الى الشارع وحديث المقاهي والنوادي الثقافية.
ولمعرفة معنى حكومة الأغلبية نود أن نشير الى أن حكومة الأغلبية تعني أن واحد أو مجموعة من الأحزاب الحاكمة التي تشغل الأغلبية المطلقة من المقاعد في السلطة التشريعية .
هذا على عكس حكومة الأقلية، حيث يوجد أكبر عدد من الأحزاب في السلطة التشريعية فقط من حيث عدد المقاعد، أي فقط تعددية مقاعد.
عادة ما تطمئن حكومة الأغلبية الى أقرار تشريعاتها لأنها تستند الى قاعدة برلمانية قوية، عكس حكومة الأقلية التي تلجأ الى المساومة وتقديم التنازلات لغرض البقاء في الحكم لأن قاعدتها البرلمانية ضعيفة.
يمكن أستخدام مصطلح "حكومة الأغلبية" أيضاً لتحالف مستقر من حزبين أو أكثر لتشكيل أغلبية مطلقة.
بينما الحكومة التوافقية تأتي من مصطلح "التوافقية" الذي يعتبر أحياناً مرادف لمصطلح "تشارك القوى"، رغم أنها تقنياً أحد أشكال تشارك القوى، فالبعض يعتبرها شكلاً من أشكال الهيمنة، بينما يدعي آخرون أن الهيمنة الأقتصادية صممت لتنظيم صراع الطبقات الأجتماعية، مع أن التوافقية وضعت على أساس التوفيق بين التشرذم المجتمعي على أسس عرقية ودينية.
وأهداف التوافقية هي الأستقرار الحكومي، وبقاء ترتيبات تقاسم السلطة وبقاء الديمقراطية وتجنب العنف، عندما يتم تنظيم التوافقية على أسس طائفية دينية، فأنها تعرف بأسم "الطائفية"، كما هو الحال في لبنان.
في العراق أفرزت نتائج الأنتخابات الأخيرة قوى متعددة، بحيث لا تعطي أرجحية لكتلة دون أخرى بدون تحالفات، حيث أن البيت الشيعي أصبح مكون من كتلتين رئيسيتين : الأطار التنسيق الشيعي والكتلة الصدرية ؛ والبيت السني انحصر بين كتلة تقدم وكتلة عزم ؛ والبيت الكردي بين كتلتي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، وبهذا أصبح المشهد السياسي معقد أكثر من ذي قبل .
بعض الأطراف تؤيد نظرية الذهاب الى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بينما يرى الآخرون الذهاب الى تشكيل حكومة توافقية تضم جميع المكونات والكتل الكبيرة الفائزة بالأنتخابات.
والمتابع للمشهد السياسي العراقي جيداً يدرك أن الذهاب الى حكومة أغلبية وطنية غير ممكن في الوقت الحالي، لعوامل داخلية وأخرى خارجية، كذلك العقل السياسي العراقي غير ناضج كفاية ليجلس على مقاعد المعارضة ويبتعد عن العمل الحكومي، حيث جرى العرف السياسي في العراق بعد عام 2003 على تقاسم السلطة بين الأحزاب الحاكمة سواء السلطات التشريعية أم السلطات التنفيذية، ولا تستطيع هذه الأحزاب بسبب التركيبة الداخلية ونظام القيادات في هذه الأحزاب الأبتعاد بعيداً عن المناصب التنفيذية .
نحتاج الى جيل سياسي جديد، ونمط من القادة الشباب أو الخبرات السياسية بأفكار جديدة تؤسس الى نظام سياسي يستطيع قيادة البلد بعيداً عن المحاصصة، وخلق ثقافة المعارضة وتبني هذه الثقافة داخل قبة البرلمان بعيداً عن المناصب الحكومية، حتى تستطيع الكتلة المعارضة مراقبة الأداء الحكومي ومحاسبة الحكومة في حال تقصيرها.
الى حين الوصول الى هذا المستوى السياسي من أدارة الدولة في العراق، سنبقى نلجأ في كل دورة أنتخابية الى نظام المحاصصة ومكونات التوافق والتوازن مع تغيير الأسماء والعناوين
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha