د. علي حكمت شعيب *||
التحوّل الوجودي الوحيد المضيء في سماء القرن العشرين بعد ظلمات الحربين العالميتين فيها والذي أشعّ بنوره على الأرض كلّها.
كان الثورة الإسلامية المباركة في إيران التي تموضعت بقوة على الخريطة الدولية الجيوسياسية بعد جهاد وكفاح خارجي وداخلي واجهت به التهديدات لا سيّما الحرب العراقية الإيرانية المدارة امريكياً والمؤيدة عالمياً والحصار الأمريكي الجائر المستمر.
وأزالت به نقاط ضعفها لتبني شعباً متماسكاً واثقاً بقيادته مطيعاً لها ومؤمناً بتحقيق النصر على أكبر قوة في العالم تحت راية الإسلام المحمدي الأصيل.
يرفعها ويشتق منها رؤيته قائد سائر على خط الأنبياء والصالحين يتمثل صفاتهم ويقتفي أثرهم ويسير على هديهم.
عازم على إزاحة ظلم المستكبرين عن المستضعفين في العالم كافةً لأي دين أو قومية أو طائفة أو مذهب انتموا.
هدفه استنقاذ المقهورين واستعادة حقوق المحرومين.
قائل بالحق عامل للأجر مخاصم للظالم ومناصر للمظلوم يخوض الغمرات للحق أينما كان ولا يخاف في الله لومة لائم.
قدوته أهل البيت عليهم السلام ومعينه الذي ينهل منه ثورة عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام.
والعدالة التي ينشدها هي عدالة إمامه علي بن أبي طالب عليه السلام ذلك هو الإمام الخميني العظيم.
إن ما يلفت بقوة في مسيرة الجمهورية الإسلامية التي انبثقت عن الثورة في إيران هو تموضعها ذو السرعة القياسية التي لم تعهدها البيئة الدولية في تاريخ الدول.
إذ تمكنت من أن تصبح قوة إقليمية وازنة متجهة بثبات نحو استكمال مواصفات القوة الدولية في غضون ٤٣ سنة من عمرها.
ولأن تشكل بسياستها الحكيمة تحالفاً مع أبرز قوتين دوليتين الصين وروسيا مناوئتين للهيمنة الأمريكية.
إن من أبرز الثمار الطيبة المستمرة التي تخرجها هذه الشجرة المباركة هي آثارها الإيجابية الكبرى على شكل النظام العالمي الجديد ومساهمتها الفاعلة في مخاضه التحوّلي الحالي الذي يُتوقع أن يتولد منه نظام عالمي متحرر من الهيمنة الأمريكية الغربية التي عاثت في الأرض فساداً ونهباً لثروات الشعوب وتسلطاً وهيمنة عليها لتُفتح صفحة جديدة من تاريخ العالم حيث يسود الاحترام للإنسان وقيمه ويتعزز التعاون بين الدول وتقل النزاعات فيما بينها.
لقد كانت الثورة الإسلامية المباركة رحمة كبرى للعالم بإيجادها حراكاً كبيراً في مياه البيئة الدولية لن تهدأ معه قبل الوصول إلى بيئة دولية تتقبل العدالة وترفض الظلم والعدوان وتتحقق فيها كرامة الإنسان.
* أستاذ جامعي/ الجامعة اللبنانية ـ بيروت