د. علي حكمت شعيب *||
تدأب بعض القنوات الإعلامية المرئية والمسموعة وبعض وسائط التواصل الاجتماعي على إجراء ما يسمى باستطلاع رأي حول قضايا سياسية أو ثقافية أو اجتماعية معينة.
وتروج لذلك على أنه بحث مسحي لمعرفة نسب المؤيدين والمعارضين والمحايدين من جمهور معين تجاه قضية محددة.
من الناحية العلمية هذا الاستطلاع لا قيمة له لأن العينة التي يعتمد عليها هي عينة الصدفة التي لا يستطيع الباحث من خلالها تعميم النتائج وجلّ ما تفيده أنها تعكس وجهات نظر تلك العينة المستطلعة المحدودة مكانياً وزمانياً.
هذا إذا افترضنا أن شروط الصدفة قد تحققت فيما الواقع ينبئ أن هناك بعض الناس من أصحاب وجهة النظر نفسها تجاه القضية محور الاستطلاع يتآلفون ويدفعون بعضهم بعضاً للإدلاء برأيهم لكي يؤثر ذلك على النتائج ويجيّرها لصالحهم. فتصبح العينة جراء ذلك مزيجاً من عينة الصدفة والعينة القصدية مما يفقد النتائج قدرتها على التعميم حتى ضمن نطاق ضيق جداً كحيّ في مدينة أو كقرية صغيرة.
من هنا فلا يغرّنكم أن تقوم بعض القنوات الإعلامية بهكذا استطلاعات لتقول:
إن النتائج أظهرت أن الناس قد توزعوا بين مؤيد ومعارض ومحايد تجاه قضية محددة وفق النسب الآتية.
فهذا بعيد تماماً عن المنطق العلمي البحثي.
وهو لذلك لا ينتج حقيقة واقعية لكنه دونما شك يفيد الدعاية النفسية أو البروباغندا للتأثير على آراء الناس واتجاهاتهم النفسية خدمة لأهداف الحرب النفسية على بيئة اجتماعية معينة.
فالدعاية النفسية تعرّف علمياً أنها:
نشر المعلومات غير الموثوقة والحجج الواهية والشائعات وأنصاف الحقائق والأكاذيب للتأثير على الرأي العام.
وهذا بالضبط ما تقوم به تلك القنوات الإعلامية المأجورة والمدعومة سفاراتياً لدينا في لبنان.
* أستاذ جامعي ـ الجامعة اللبنانية ـ بيروت