عدنان جواد ||
ظهر في الآونة الاخيرة وفي وسائل الاعلام، وحسب ما ذكرته وزيرة الزراعة في حكومة الاقليم( بيگرد طالباني)، بانه تم توقيع مذكرة تفاهم لبناء السدود مع شركة(باورتشاينا)، والسدود هي: (سد دلگة في قضاء بشدر، وسد خيوته في السلمانية، وسد منداوه في اربيل، وسد باكرمان في دهوك) حتى يصل عدد السدود 21 سد في الاقليم وهي سياسة خطرها كبير وخاصة على المحافظات الجنوبية، وتلك السياسة تذكرنا بما قامت به اسرائيل ومنذ عام 1948 فقد ذكر بن غوريون ان مستقبل اسرائيل سيظل مهدد من جيرانه العرب ان لم تحصل على مصادر المياه " فالذي يسيطر على مصادر المياه ومنابعها هو الذي يفرض ارادته السياسية والاقتصادية على الاخرين او على المنطقة بأكملها" ، ويعلم الجميع ان الإسرائيليين اساتذة ومعلمين لمسعود البرزاني وابوه قبله وهم من شجعوه على اعلان الانفصال، وتخريب الوضع السياسي والاقتصادي في العراق.
ان خطر السيطرة على منابع المياه والتحكم فيه تعاني منه الكثير من الدول الواقعة في المصب ، وشاهدنا ماذا فعلت اثيوبيا بمصر والسودان من خلال اقامة سد النهضة وهي تتحكم بكمية المياه الواردة لتلك الدولتين، وماذا تفعل تركيا بالعراق وسوريا من خلال اقامة السدود على منابع نهري دجلة والفرات ولا احد يستطيع ان يمنعها او يحاسبها، وهي تتحجج بعدم بناء السدود في العراق، وهي لحد الان لم توقع على اي اتفاق بشان تقاسم المياه، وحسب تقارير الامم المتحدة ان منطقة الشرق الاوسط هي الاكثر تأثرا بالتغيير المناخي، والعراق يقع في مقدمتها، وتتوقع تلك الجهات الدولية وبسبب تناقص الامطار تحول العراق والجنوب بصورة خاصة الى منطقة جافة، واذا بنت تركيا وايران وسوريا سدود اخرى فسيتحول جنوب العراق بالذات الى صحراء قاحلة،
وفي المقابل فان المحافظات الجنوبية ونتيجة للخلافات الحزبية والمجاملات السياسية، يتصارع المحافظون فيها على الحدود الادارية بين المحافظات وخاصة في الاقضية والنواحي المشتركة بينها، والتي تترك بدون خدمات بحجة انها تعود لهذه المحافظة او تلك، فتركت الطرق العامة على حالها فلازالت تحصد ارواح الناس بالحوادث المرورية وبشكل يومي، وهناك اقضية ونواحي تركها ساكنيها بسبب الجفاف، وانا شاهدت بأم عيني انهار في ميسان وخاصة المشرح قد جف تماما، ويتم تزويد الناس بالماء هناك بالحوضيات(الدناكر) والاهوار عاد اليها الجفاف وبقوة، ومواشيهم قد قتلها الجوع والعطش ، فيبيعونها بابخس الاثمان، بالرغم من اننا في فترة الربيع، بينما ما يسمون انفسهم بالقادة يعيشون في قصورهم الفارهة وموائدهم العامرة بما لذ وطاب، ولا يحركون ساكنا بل يجاملون من يعطش ابناء جلدتهم وينفذون كل ما يطلب منهم، واي فشل في ادارة المحافظة الفلانية اذا كان بسبب خصمه السياسي يفرح برغم ان الخطر يشمل الجميع،
فألى متى نبقى شبه دولة لا تتحكم بقرارها؟!، فاذا كانت الدول القوية تتحكم بالماء ولا تستطيع الحكومة العراقية التفاوض بحصتها من الماء فكيف اذا قطع الاقليم المياه عن الوسط والجنوب ، فهو سيتحكم بالقرار السياسي ، ويستطيع فرض جميع أوامره من دون اي اعتراض، لذلك يتطلب الامر تحرك سريع من قبل اصحاب الشأن والاستفادة من الخبراء الوطنين الذين يريدون ان يخدموا بلدهم، والتفاوض بتخفيض اسعار النفط لتلك الدول مقابل تسهيل مرور المياه، يعني النفط مقابل الماء كما يقول الاتراك، واستخدام الطرق الحديثة في الري، وبناء السدود ومخازن للمياه في ايام الامطار للاستفادة منها في وقت الجفاف، والتحرك بالثقل السياسي من خلال التوحد في اتخاذ القرار لمصالح شعبهم والاعتماد على الدول الكبيرة في المنطقة والعالم، فالضعيف والمتشرذم سياسيا غير محترم، فالدول اليوم تحترم القوي الذي يمتلك قيادة قوية وشعب موحد ، وشاهدنا ايران كيف تحدت العالم وحصاره فحولت الضعف الى قوة والاكتفاء الذاتي ، واليوم نرى روسيا وكيف اجبرت العالم الغربي بكل قوته وجبروته الخضوع لها والقبول بشروطها، فالدولة المفككة ومتعددة الرؤوس معرضة للانهيار في كل ازمة.