( ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربّنا افرغ علينا صبرا وثبّت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ) سورة البقرة الاية 250
الاختبار من السنن الالهية في الحياة الدنيا يمر به الانسان لتقييم مستوى ايمانه فالايمان بين مستقر ومستودع ولاينعكس مستواه الا باختبار يكون فيه الثبات مقياسا ً ، فالثبات هو الاستقرار والمدوامة .
ومن الملاحظ انه مع تقدم الحضارات الانسانية اتسعت دائرة الفتن والتي هي لون خطير من الابتلاءات خاصة مع استيلاء أهل القوة لمناصب الصدارة وحجب اصحاب الحكمة والاستحقاق عنها ومع هذا الاتساع برز مقياس الثبات للتفريق بين الصالح والطالح .
إن المعرفة لم تعد هدفاً نهائيا ً كونها خطوة إعتقادية تتبعها خطوة تطبيقية وهي الثبات ، ففي كل تجربة سواء سياسية او دينية أو علمية يكون الشغف في البداية لعرض المعلومة ومن ثم الاعتقاد بها ومع مرور الوقت تكون الصدراة في ساحة التطبيق لمن ثبت على ذلك الاعتقاد .
في حياة الرسول الاعظم ص كان محور العمل هو الدعوة الى الاسلام والاعتقاد بمفاهيمه واثناء النزول الى مستوى التطبيق في بناء مجتمع اسلامي ظهرت بعض الحالات التي سجل فيها مقياس الثبات درجات متدنية للبعض ودرجات مبهرة للبعض الاخر .
كان ادق اختبار عاشه المجتمع الاسلامي لحظة وفاة الرسول ص حيث تساقط في ذلك الاختبار جمع غفير في مقياس ثباتهم ، ومن تلك اللحظة والى يومنا هذا والمقياس متأرجح في مستوياته المتدنية خاصة في الوقت الذي غاب فيه الامام مفترض الطاعة عن رعيته ، فشمس المعرفة ساطعة ولم يعد الوصول للاعتقاد صعبا ً بقدر صعوبة الثبات عليه .
في زمن الانتظار اصبح الثبات هو محورالمقاومة للنفس الانسانية وسفينه النجاة في بحر الفتن وهذا ما وصفه امير المؤمنين بدقة في قوله عليه السلام ( للقائم منا غيبة امدها طويل كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه الا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول امد غيبه امامه فهو معي وفي درجتي يوم القيامة )
وفي الاية الكريمة التي تصدرت حلقة اليوم وما يسبقها من احداث في قصة طالوت يتبين فيها مقدمات الثبات فإقامة البرهان العقلي في الاعتقاد يكون في المقدمة ومن ثم إسماع القلب والوجدان بما اقرّ به العقل وحثه على الصبر والذي يمثل الثبات المعنوي ومن ثم يأتي الثبات السلوكي وثبت اقدامنا في اشارة للحركة العملية الواجب اتخاذها ، لقد كان دعائهم بحق دعاءا ً واعيا ً طالبا ً للثبات وهم بمعية قائدهم فماذا عن ملامح دعائنا ونحن نعيش غيبة لقائدنا طال امدها !!! .
الهم افرغ علينا صبراً وثبتا على ولاية اهل البيت عليهم السلام انك سميع مجيب
المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha