( دعواهم فيها سبحانك اللّهم وتحيّتُهُم فيها سلام ٌ وآخر دعواهم أن الحمد لله ربّ العالمين )
سورة يونس الاية 10
الدعاء هو إقبال العبد على الله والاقبال هو روح العبادة والعبادة هي غاية الخلق ، بهذه المقاطع التعبيرية التي يصب أحدها في الاخر اختزل الشيخ الاصفي رحمه الله مفهوم الدعاء .
( ما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) تبين الاية الكريمة بكل وضوح أن الهدف الاساس من خلق الثقلين هو العبادة ، و جوهر العبادة وروحها تتمثل في إنشداد العبد الى خالقه فيطرق بابه خاضعا ً خاشعا ً راجيا ً مدركا ً لضعفه ونقصه واحتياجه فيتحقق الإقبال ويمتد لجسر النوراني بين المرء وربه .
وعلى قدر إدراك الانسان لضعفه واحتياجته تكون مساحة دعاءه ، فكلما تصاغرت نفسه بداخله زاد احتياجه لاستمداد عون من صاحب القدرة تبارك وتعالى في الشدة والرخاء ، وعلى العكس من ذلك فكلما ركن الى ذاته واستغنى بها عما حوله صغرت مساحة دعاءه في الرخاء ، غير انه في حالة الشدة والاضطرار تفزع الفطرة من قلبه وتستغيث خالقها ان انجديني !
والتصوير القراني ابدع حينما اختار لاكثر من مرة صورة لاضطرار الانسان وهي ان يكون في سفينة في بحر هائج ففي تلك اللحظات دعوا الله مخلصين له الدين !! ولكنهم سرعان ما يعودون الى سابق عهدهم من الانكار رغم انهم عاشوا لحظة اخلاص فترى لماذا ؟ .
إن الاضطرار يخلي القلب عن كل شاغل فلا تجد في ثناياه الا فطرة الاحتياج لخالق جبار وهذه الفطرة هي من استصرخت وبان صوتها حين سكنت الاصوات فبدت مخلصة في استنجادها لحظة اضطرارها ، كما انها في كل الاوقات مستنجدة ولكن تضيع اصوات استغاثتها وسط هرج ومرج شواغل القلب فلا يلتقط الإنسان تلك الاشارة من داخله ويبقى متعلق بماديات يظن انها هي من ستعصمه فينكر ويستكبر ويستغني عن وصل نوراني يمده بالامتلاء والقوة كلما ضعُف .
ان قنوات الارتباط بالله عز وجل كثيرة جدا فالطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق غير ان للدعاء البوابة الاوسع كونه ناجم عن حاجة ولان الله عز وجل اشار اليها واشار الى انه يحب ان يسأله العبد وان يسمع صوته وبكاءه ورجواه ( وقال ربكم ادعوني استحب لكم ) واكدت السنة كذلك على لسان الرسول الاكرم ص هذا المعنى ( مخ العبادة الدعاء ولايهلك مع الدعاء احد ) .
لقد استهل اهل الجنة دعائهم بتنزيه الله عن كل شريك ( دعواهم فيها سبحانك اللّهم) وبهذا قد هيئوا الارضية الصحيحة للقلب السليم الخالي الا من الله عز وجل ثم ختموا دعائهم ب(الحمد لله رب العالمين ) فهنيئا ً لهم هذا المقام ووفقنا الله لمثل ذلك .
اللهم عرفني نفسك فإنك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك ،اللهي عرفني رسولك فإنك أن لم تعرفي رسولك لم اعرف حجتك ، اللهي عرفني حجتك فإنك أن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
8 / شهر رمضان /1443هــ
https://telegram.me/buratha