( لِكيلا تأسوا على ما فَاتَكُم ولاتفرحُوا بما آتاكُم والّله لا يُحب ُّ كُلَّ مُختالٍ فخورٍ) سورة الحديد الاية23
الزُهد من الصفات التي يتصف بها خاصة المؤمنين ، عبّر عنه أمير المؤمنين عليه السلام بأنه بين كلمتين من القران ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ) و ( لاتفرحوا بما آتاكم ) ، فمن لم ييأس على ماضٍ ولم يفرح بآت فقد اخذ الزهد بطرفيه .
والزهد ضد الرغبة ,، وليس الزهد ان لا تمتلك شيئا ً ، بل الزهد ألا يملكك شي !) ، فهو استصغار للدنيا بعد ان اتضحت حقيقتها من كونها فانية وأن ليس للانسان فيها الا ما سعى وسيخرج منها الى قبره بمعية كفن واعمال ليس الا ! وينتظر يوما ً تقييم فيها اعماله وينال جزاءه .
إن ما يميز الزهد ان منطلقه عقلي يأخذ فيه العقل القرار بخطى ثابتة بعد ان يحلل المقدمات فيصل الى ضرورة الانصراف عن شيء الى ماهو خير منه ، ومن ناحية اخرى تمارس الرغبة دورها كشعور قلبي يساور الانسان ويشعره بالافتقار الى اشياء للوصول الى الرضا ، فإن لم تلبى تلك الرغبة كبرت ولا تستقر حتى تنفذ .
وهنا يبرز الصراع جليا ً بين الزهد والرغبة والذي يقف في مقام الضد منها ، ونصل الى مفترق الطرق فإما ان يركن الانسان الى رغباته التي تحقق له لذة ورضا لكن مع كم من الصراعات واللهث وراء ذلك الهدف إضافة الى العطش لرغبات اكبر ، كل هذا لايجعله مستقرا ً رغم انه مطلق العنان لرغباته .
وإما ان يختار الانسان الزهد مختنقا ً بحسرة الرغبة عند ذلك ستخف الصراعات في ساحته غير انها لن تخمد وقد تتربع الرغبة فيها بزوايا وتترك الزهد يترأس زوايا اخرى ولن تكون المنظومة ككل آمنة لانها فتحت ثغرة للرغبة .
ويتضح جليا ً لماذا كان الزهد مقاما ً خاصا ً يمدحه الكل ويتركه الجل ّ كما يصفه امير المؤمنين ع فلأن تكبت الرغبة بلاء عناء ويحتل الزهد رئاسة قناعاتك ستحتاج الى معرفة حقيقة بقيمة الهدف الذي اخترته وانصرفت لاجله عن باقي الاشياء ، ستشغلك الاخرة وقيمتها حتى عن الالتفات الى ما سواها وفعلا ان زين الحكمة الزهد فهو أختيار موفق وانتصار عقلي في ساحة صراعاته مع النفس يقف فيها الزهد ضد رغبة ليكون أداة في تحقيق رغبة اخرى !!
وهي الرغبة في الاخرة لانها الافتقار الحقيقي الذي لابد ان يشغل تفكرينا .
11/ شهر رمضان / 1443 هــ
https://telegram.me/buratha