( وأن ليس َ للإنسان إلا ما سعى ) سورة النجم الاية 39
الاية الكريمة تمثل واحدة من أهم القواعد القرانية التي قدمت حقيقة محورية بأقصى اختزال وأروع بلاغة وأسست لمنهج سلوكي في حياة الانسان ، فالحقيقة أن كل مايمتلكه الانسان هو بعنوان ملكية اعتبارية تزول بإنتهاء عمره وقد تزول امام عينه في حياته .
إن الانسان جُبلّ على الحركة في وجوده ، فإن كان كل ما له ليس له ! فعلى ما يتحرك؟
إن السعي هو المستثنى الوحيد من تجريد الانسان لكل ملكيته وبعبارة اخرى ان السعي هو الملكية الحقيقة للانسان في هذه الحياة وهو الدافع لحركته ، فما هو السعي ؟
السعي في اللغة هو المشي السريع دون العدو ويستعمل للجد في العمل استعمالاً استعاريا ً ، والسعي خطة تضعها وأنت المسؤول عن مقدماتها خيراً كانت أم شرا ( إن سعيكم لشتى ) كما أنك المسؤول عن الية السعي واتقان الخطوات والمراحل التي تطويها في عملك ولذا أُستخدم مصطلح السعي لا العمل لان السعي يؤطر العمل بالجد والتخطيط والاتقان وهذا ما تطلبه الاية .
والامر الوحيد الذي لاتُسأل عنه هو النتيجة والتوفيق في إدائه فهو خارج دائرة مسؤوليتك ، فدائرة مسؤوليتك هي في اختيار نوع السعي واليته والمقصد الذي يبتغيه واما النتائج فهي بيد مقدر الكون وقد تًعلن مباشرة بعد العمل وقد يؤجل الاعلان مدة بل قد يؤجل الى ما بعد الحياة !!! فالحياة هي مقدمة لحياة الاخرة والتي هي المقصد الحقيقي لكل سعي .
ان السعي بلا مقصد محدد كالعجلة التي تدور حول نفسها وتكرر حركتها لكنها مع تحديد المقصد ترتسم مع الزمن خط مستقيم على الارض وعليه لابد ان يكون اختيار المقصد اختيارا ً موفقا ً غير محدود وما اجمل ان يكون المقصد هو الاخرة حينها يكون السعي ممتدا ً لكل العمر على عكس المقاصد المحدودة التي تجعل مدة السعي اقصر لبلوغها .
( فمن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فلإولئك كان سعيهم مشكورا ) فأختيار المقصد أولا ( اراد الاخرة ) والية السعي ثانياً ( الخطة على ضوء إيمان ووعي ) تجعل سعيكم مصطبغ بصبغة الشكر أي انه مقدر ومبارك من قبل الخالق عز وجل كونه صحيح الوجه غير أن الاية لم تعلن نتيجة ذلك وتحسمه لانه رهن الالية والمقدمات التي ستستخدمها اذ من المممكن ان يكون المقصد صحيحا ً غير ان الالية غير مقبولة حينها يضل السعي بصاحبه معاذ الله ( الذين ضل سعيهم في الدنيا ويحسبون انهم يُحسنون صنعا ) .
اللهم وفقنا لسعي مشكور
12/شهر رمضان /1443 هــ
https://telegram.me/buratha