( يا أيَّها الذين امنوا أطيعُوا الله واطيعُوا الرسول وأُولي الامر منكم ) سورة النساء الاية 59
الطاعة هي الانقياد ، وهي إمتثال المأمور لاوامر ونواهي الأمر ، والحاجة الى هذا المفهوم يرجع بسبب التفاوت بين البشر في المعرفة و تجارب الحياة مما يجعلهم يدفعون ببعضهم البعض فتنصاع الى اوامر ما يعلوك وينصاع اليك ما دونك وهكذا تتحقق الطاعة الاجتماعية فيما بين البشر والتي تنضوي تحت مفهوم الطاعة المطلقة للموحدين منهم ، فصاحب القدرة المطلقة هو اولى بالطاعة المطلقة .
ولتكون الطاعة ممنهجة كان لابد من تشريع يُلزم وينهي ويبين وعلى من تقبل التشريع وامن به ان ينعكس منه ما يبين قبوله للمنهج عن طريق اداء الطاعات ، واداء الطاعات يكون بعضه مباشر مع الله تعالى كالصلاة والصوم وبعضها خص به رسله فجعل من طاعتهم طاعة له عز وجل وأشتد الاختبار حين جعل من طاعة اولي الامر طاعة له تبارك وتعالى وكان هذا الاختبار هو الفيصل والذي للاسف تعثرت الامة به وتبعثرت أثر عدم الالتزام به .
إنّ الانسان خُير في كثير من الامور بما فيها إعتناقه للدين ( لااكراه في الدين ) ولكن في مسألة طاعة الامام لم يكن للإنسان خيرة في ذلك ، ترى ما الحكمة ؟
للوصول الى وجه للاجابة أنقل تجربة حدثت عام 1963 قام بها عالم النفس الاجتماعي ستنالي مليغرام والذي اراد ان يعرف سبب انقياد الجنود للاوامر اثناء المجازر لكن عنوان التجربة لم يُعلن على الخاضعين لها بل تم ابلاغهم ان التجربة في اثر العقاب على حفظ المعاقب ، فأعطي نص لشخص ليحفظه ولنرمز له (أ) واُجلس اخر على مصدر فولتية كهربائية من (30 -450)v وظيفته صعق( أ ) صعقة خفيفة اذا ما اخطأ بالاجابة لتحفيزه على الحفظ ونرمز لهذا الشخص ( ب) وتم تعيين شخص (ج) لاعطاء الاوامر .
في الواقع كان أ و ج مطلعين على حقيقة التجربة و(أ) لم يكن مربوط على جهاز الصعق فعلا ً ولكن مأمور بتمثيل ذلك وفعلا بدأت التجربة وفي كل مرة يطلب ج من ب ان يصعق( أ) ويزيد في مقدار الصعقة وب ينفذ فيطلب منه درجة أعلى فينفذ رغم انه يرى كم الالم عند ( أ) ويزداد الامر لبلوغ مئات الفولتيات وهو ينفذ !!
مليغرام كان قد توقع انصياع 10% من عينات التجربة لكن صُدم حين كانت النسبة 63% منهم مستجيب للامر دون تعقل !! وكرر التجربة في دول وعلى اثرها الف كتاب لينقاش هذه الازمة البشرية !.
وهنا تتضح اهمية ان يكون الآمر والمطاع إنسان ذو حكمة واخلاق ومعرفة تكون الاعلى على الاطلاق ، ولان الله عز وجل هو مطلع على البشر فأختار اكملهم لمثل هذا الدور والزمه وظيفة حفظ أمة ودين ولم يكل الامر لشورى الناس ! ولم يجعله ضمن اختيار الرسل حتى .
إن ما نعيشه من تداعيات خطيرة تعيشها الأمة جذوره هو عدم انصياعها لادق مفصل في الطاعات وهو طاعة أولي الامر ، فتجاوزت الامة حين رفضت الامتثال تارة وحين وضعت معايير تافهة للانتخاب تارة اخرى وتهاوت الامة وكررت الخطأ مرارا ً وتكراراً واستفحل في أغلب المؤسسات فهم يطيعون من يدانيهم علما ً ومعرفة وخبرة ولله المشتكى وعليه المعول في الشدة والرخاء .
عن أمير المؤمنين ع ( الطاعة غنيمة الاكياس )
16 / شهر رمضان / 1443 هــ
https://telegram.me/buratha