( ..... ولاتَنسوا الفضل َ بينكم..... ) سورة البقرة الاية 237
الفضل هو الاحسان بلا مقابل وهو الزيادة في المحامد والمكارم على غير الفضول الذي يطلق على الزيادة غير المحمودة ، وقد تكررت الاشارة الى كلمة الفضل ومشتقاتها في القرآن الكريم لتنبه الناس الى صاحب الفضل المطلق عليهم وهو الله عز وجل ّ والذي يرجع اليه كل فضل .
لم يقتصر فضل الله علينا بالنعم المادية كنعمة الماء والهواء والخلق الحسن بل امتد ليشمل الفضل المعنوي في العلم والادراك وفي المفاهيم كالرحمة والمودة والعفو ودعا الناس الى ان يتخذوا هذا المفهوم في تعاملاتهم مع بعضهم البعض فجاءت هذه القاعدة القرانية التربوية الرائعة ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) .
فالفضل وان كان مرجعه المطلق لله تعالى غير ان الله عز وجل ّ قد رزقه لعباده كيف يشاء فتفضل على بعضهم بالعلم وعلى البعض الاخر بالنبوة وعلى هذا بكثرة الابناء وعلى ذاك بسعة الرزق وبهذا فتح ابواب التفاوت بين البشر ليحتاج بعضهم بعضا ً ويُحسن بعضهم لبعض .
إن التعامل بين البشر قائم على العدل والانصاف في دائرة الحق والحقوق ،ولكن هذا التعامل يتسامى حين يكون على اساس الفضل والاحسان حيث يصطبغ بصبغة حب واخوة ويوطد الروابط الاجتماعية بين البشر بشكل اوثق .
إن القاعدة القرانية قد طُرحت في الاية الكريمة التي تتحدث عن موضوع الطلاق والحقوق المترتبة على ذلك وهو من أكثر المواضيع التي يُتوقع معها حدوث مشاحنات ونفور بين الطرفين ، وطرح القاعدة وسط تفاصيل هذا الموضوع المشحون دليل على أهمية الحفاظ على الحد الادنى من الرابطة مع المؤمنين كحد الاخوة وحفظ السلام وحفظ كرامة المقابل وذلك بإستذكار كل موقف نبيل وفعل حسن صدر عنه وكل احسان وفضل بدر منه .
إن ظاهرة التسقيط التي نعيشها في حياتنا المعاصرة هي ظاهرة خطرة جداً فيكفي أن يختلف معك في وجه نظر أو في رؤيا معينة حتى يُسقطك في بئر الرذائل !! ولا يكتفي بذلك لفظيا ُ بل يتعداه الى مستوى السلوك بين الجماعة ويدخل مرحلة الايذاء النفسي ، فتزايدت نسب الانهيارات العصبية والاكتئابات النفسية بسبب عدم تصدر القاعدة القرانية لطبيعة تعاملاتنا مع البشررغم انها اجمل ماقيل في ادب الفراق ، فتنهار عُرى العلاقات الاجتماعية لاتفه الاسباب .
إن القاعدة القرانية وإن ومضت في قلب احداث صراع بين طرفين وقُدمت بنحو يضمن عدم قطع روابط المعروف بين البشر غير ان لها وجه اخر في الاستخدام كفيل بإعانتنا في رحلة جهاد انفسنا وتكاملنا الروحي فإن ومضت هذه القاعدة في اذهاننا في كل تعامل معهما كان نوعه سيترتب اثر ايجابي عظيم على سلوكنا ودواخلنا ، فكل شخص يقف امامي استذكر فضله صغيرا ً كان ام كبيرا ً ، فهذا شجعني ذات يوم وتلك رسمت على وجهي ابتسامة واخر ساعدني في اتخاذ قرار ومعلم تفضل علي بعلمه وعائلة سندتي وصحبة ضمتني وووو..... بهذا الشعور يتضائل زهوي بنفسي واستشعر عظمة خالق مدنا بسلاسل فضل لا تنتهي .
اللهم تفضل علينا برحمتك وعجل لولينا الفرج
20 – شهر رمضان -1443
https://telegram.me/buratha