المقالات

من الألف الى الياء الحلقة السادسة والعشرون ( الهجرة )


 ( الذينَ آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيلِ اللّه بأموالهم وانفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون )

 سورة التوبة الاية 20

 إن تفاعل الإنسان مع محيطه ينتج عنه بمرور الوقت ارتباطات وثيقة  مع الموجودات ، ومن جملة هذه   الارتباطات  ارتباط الإنسان بالأرض التي وُلد فيها وترعرع ، فينشأ عن ذلك الارتباط  حب لم ينكره الدين الإسلامي على معتنقيه  بل أيده وجعله من مقاييس الايمان ،  فعن الرسول الاكرم ص ( حب الاوطان من الإيمان ) 

وعلى الرغم من ذلك فإن الدين الإسلامي لم يُلزم المؤمن بالثبات الجغرافي ، في حال تعرض وجوده ودينه للخطر في تلك البقعة  فمازال الهدف الأساسي للإنسان هو حفظ دينه والسعي في تكامل وجوده  لنيل رضا الخالق فلابد أن يُزيل اي عائق يعترض طريق هذا الهدف وإن ربطه بذلك العائق ارتباط قوي .

إن قرار الإنسان بفك إرتباطه بوطنه قربة الى ربه يكون مصحوبا ً بمسحة حزن وأسى وإن أ تُخذ عن قناعة لذا ارتبط مفهوم الهجرة في سبيل الله برفع درجة المؤمن ووقوع اجره على الله لانه  جعل دينه في قمة اولياته واختياراته التي تتقاطع وسعادته الشخصية احيانا ً ، وهكذا جرت السُنة الالهية  في اغلب الدعوات حيث رافقتها الهجرة في مرحلة من مراحلها  بإنتقال المؤمنين من مكان الى اخر حفظا ً لدين الله  فعن الرسول الاكرم ص ( من هاجر في سبيل الله كان مع ابراهيم في الجنة ) .

ولما كان هذا الاجر العظيم مقابل ان يتخلى الإنسان عن ارتباط خارجي دام سنوات مع ارضه فكيف يكون الاجر إن قرر الإنسان ان يهاجر من نفسه الى الله تعالى قاصدا ً القربى  ، تلك النفس التي لايتحقق عنها الانفصال جغرافيا ً فهي متلازمة مع وجودنا زمانا ً ومكانا ً تطمئن تارة وتأمر بالسوء تارة اخرى تشتهي حينا ً وترغب احياناً  اخرى  وتتلاعب في إراداتنا وهمتنا إن اطلق اليها العنان .

النفس هو ذلك الابتلاء الشفاف الذي يجري في عروقنا ، والذي لابد من تقبل حقيقة أن خلف تلك الملامح الطفولية للنفس يكمن الد الاعداء  ، فاللنفس وجوه  منها الامارة بالسوء ومنها الطائعة  والدنيا وحبها هي آلافة التي تجتاح النفس ووفقا ً لنتاج هذه المواجهة بين النفس وحب الدنيا  يتقرر مصير الإنسان !! وفق الكفة التي سيرجحها هو باختياره .

 إن اتابع انوار الفطرة السليمة في دواخلنا هي صمام الامام لوجودنا الضعيف المتعايش مع النفس التي ممكن أن تخون في اي لحظة لو تملكتها الآفة  بل وتتحالف مع الشيطان ضد كيان يُعد وطنا ً لها !!!

اللهم تقبل قلوبنا المهاجرة اليك بأحسن القبول                               

 26 – شهر رمضان – 1443هــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك