عدنان جواد ||
المصالح الحزبية والسياسية في العراق هي السائدة، فنرى احصائيات اموال كبيرة تخصص لوزارات الدولة المختلفة، لكننا في نهاية كل حكومة لا نجد اي تقدم في هذه الوزارات، بل بالعكس فالزراعة لا تزرع والصناعة لا تصنع ، ووزيرها هو من يعرقل تشغيل مصانعها، نتيجة لمصالح حزبية وشخصية، وانتشار الفساد الذي اصبح منظومة متكاملة من اعلام وخبراء قانون، ودعم اطراف من السلطة، فنرى من اصحاب السلطة تزداد اموالهم وقناطيرهم المقنطرة من قصور وفلل ومصارف وشركات، وبالمقابل تزداد نسب الفقر لتصل لأرقام مخيفة، ونشاهدهم يوميا في التظاهرات يطالبون بالتعيين وتوفير العمل، وفي ازقة وشوارع المدن الشعبية وقهاوي وتقاطعات الطرق والاشارات الضوئية، والبعض يقع فريسة سهلة لتجار المخدرات.
وبعد الحرب الاوكرانية الروسية وصعود اسعار النفط، ومعها اسعار المواد الغذائية لان ثلث المواد الغذائية يأتي من روسيا واوكرانيا، ونتيجة للوفرة المالية من بيع النفط سارعت جهات سياسية لاقتراح مشروع قانون الدعم الطارئ ، في ظاهره لمساعدة الطبقات الفقيرة وتوفير الغذاء وتمشية امور الدولة بحجة توفير الغذاء ودفع اموال الفلاحين من اجل تسويق محاصيلهم ، وتوفير الكهرباء بدفع الديون واستيراد الطاقة، ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل ، ولان الحكومة لازالت لم تشكل لحد الان، والحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال ، وتشكيلها يصطدم بخيارين متناقضين، فالتحالف الثلاثي يريدها اغلبية والاطار توافقية، فلابد من وجود باب للصرف وموازنة غير موجودة، ولكن ونتيجة للسوابق الكثيرة في صرف الاموال وهدرها ، فيتم تبويبها بأبواب لخدمة المواطن لكن الحقيقة ان جزء بسيط منها يذهب للمواطن والجزء الكبير لجيوب الفاسدين، والمؤمن ينبغي الا يلدغ من الجحر مرتين، لذلك تصدت المحكمة الاتحادية للتفرد في التصرف بأموال الدولة من دون رقابة ومحاسبة، وهي تسير حسب ضوابط ومنهاج قانوني صريح، فالمحكمة الاتحادية العليا هي اعلى محكمة في العراق، تختص في الفصل في النزاعات الدستورية، وهي انشات بالقانون رقم(30) لعام 2005 ووفق المادة(93) من الدستور، وقراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة، وهي مستقلة بشكل كامل عن القضاء العادي، مقرها في بغداد وتتكون من رئيس وثمانية اعضاء، وسابقاً كان يؤخذ عليها انها لا تكون صارمة في قراراتها نتيجة لتأثير الاحزاب السياسية النافذة عليها.
ولكنها اليوم تتخذ قراراتها بحزم ومن دون محاباة لاحد، وقد لاقت ترحيب كبير من جميع ابناء الشعب العراقي بما فيهم الاكراد فهم ايضاً يعانون من عدم استلام رواتبهم والسلطات هناك تصدر النفط ولا يعلمون اين تذهب اموال بيعه ، والقرار السابق القاضي بعدم شرعية قانون النفط والغاز في الاقليم، الصادر من اقليم كردستان ، والحكم على سلطات الاقليم بتسليم كافة المستخرجات النفطية الى السلطة المركزية، وخضوع مؤسسات الاقليم لسلطات وانظمة ومراقبة مؤسسات الحكومة المركزية، وهذا القرار لاقا اعتراضاً قوياً من قبل السلطة في الاقليم وخاصة عائلة مسعود البرزاني، والذي هدد بإعادة هيكلية المحكمة الاتحادية وربما استبدال اعضائها، وقرارها الاخير الذي وجه للبرلمان والذي منع اقتراح القوانين من حكومة تصريف الاعمال، وان البرلمان الحالي لا يستطيع محاسبة الحكومة السابقة او تعين واختيار درجات خاصة في الاجهزة التنفيذية، فهو اي البرلمان لحد الان لم يستطع اختيار رئيس للجمهورية، ورئيس وزراء وحكومة جديدة، وقد تتخذ المحكمة الاتحادية قرار في حال عجز البرلمان والكتل السياسية في تشكيل الحكومة لحل البرلمان والدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة، وعندها ستتصدى تلك الجهات السياسية للمحكمة وتخضعها للسياسة فنعود للمربع الاول، فعلى الكتل السياسية التي يهمها مصلحة البلاد والعباد ان تدعم وتحمي المحكمة الاتحادية وتحافظ على كادرها الحالي، فهي الامل الوحيد في تصحيح الاخطاء السياسية، وهي القادرة على محاسبة الفاسدين واعادة الاموال المسروقة، وحماية ودعم المحكمة الاتحادية افضل لهم من المناصب الحكومية الزائلة، والتي اصبحت متهمة بنظر الناس وهي ابواب للسرقة، وان من يتسلم المنصب اليوم لا يستطيع انجاز اي شيء مطلوب منه في ظل الصراعات السياسية والتقاطعات، وان الكتلة الصدرية حتى لو ذهبت للمعارضة سوف تعطل عمل الحكومة اذا لم تشترك بها.