المقالات

لماذا انهزمنا حضارياً؟!


عباس العنبوري ||

 

كنت ولا زلت احاول سبر غور معرفة السر وراء الانهزام الحضاري، وفقدان القابلية على التأثير كشعوب اسلامية شرق اوسطية بباقي المجتمعات الاخرى من ادنى الشرق الى اقصى الغرب. كل ذلك في وقتٍ قد تساعد وسائل التواصل المختلفة على اختزال المسافات وتضييقها، واختلاق وسائل مختلفة جديدة للانفتاح على الآخر والتأثير عليه. نعم، قد يكون مرد ذلك ما قاله غوستاف لوبون في كتابه ( الحضارة العربية): لقد تجمعت العقد الموروثة، عقد التعصب التي ندين بها ضد الاسلام ورجاله، وتراكمت خلال قرون سحيقة حتى اصبحت ضمن تركيبنا العضوي"!. انها عقدة الاحتقار والاستعلاء بين الشرق والغرب، التي نشأت وتجذرت واستحالت الى ما عبر عنه المفكر الجزائري(مالك بن نبي) في كتابه وجهة العالم الاسلامي بانه (عقدة الاستعمار) وليس الاستعمار بذاته.

فمنذ القرن الرابع عشر الميلادي، تحول مسلمو الجزيرة العربية، من ادوات تنشر الاسلام وقيمه شرقاً وغرباً بما وسع رقعته حتى اقصى الشرق -بغير الفتوحات العسكرية- في اندونيسيا وماليزيا والمالديف، وغرباً الى اوربا حيث الاندلس في اسبانيا واطرافها. اقول- تحولوا الى جماعات منكفأة ومتلقية ومستهلكة لنتاج الحضارات المحيطة.

 وبالتأكيد، فان الاجابة على سؤال يحمل هذه الجدلية المعقدة في الكشف عن اسباب انحسار القدرة على الفعل، والاكتفاء بالانفعال بما يقدمه الآخرون لا يمكن ان تختزل في مقالةٍ ببضع سطور وان طالت. الا ان روجيه غارودي سلمني احد مفاتيح الابواب التي اود ان اضعها بين يدي القارئ بحسب ما افهم. ففي كتابه (الاسلام في الغرب) عزا تراجع الوجود الاسلامي في الاندلس وقرطبة على وجه التحديد باعتبارها حاضرة الاندلس الاساسية، الى الاضرار التي سببها الفقهاء في الوقوف على نصوص (موطأ مالك) وشرحه. وبذلك حجبوا ما عبر عنه ب(الطابع الكوني للأسلام) وحكموا على الاسلام بالجمود والتقهقر بعد ما يربو على قرون ثلاث من الحراك الفكري والفلسفي بين خيرة فلاسفة الديانات السماوية الثلاث. وبذلك اصبح النص فاقداً ليديناميكيته وتأثيره بل وحتى روحانيته. كل ذلك، في وقت سابق لما قامت به محاكم التفتيش من ملاحقة المسلمين بالقتل والتشريد والتعذيب. فقد انطفأت شعلة النور الروحية التي حملها المسلمون الاوائل في قلوبهم، والتي استطاعت ان تستجلب قبيلة غفار البدوية التي تمتهن قطع الطرق الى جادة الاسلام ومنهجه على يدِ رجل بالكاد حفظ بضع اياتٍ من القرآن، انه (ابو ذر)! وهو ذات المعنى الذي اشار اليه (محمد اقبال) بقوله -وبما مضمونه: ليس المطلوب (العلم بالله) بل (الاتصال بالله) وبذلك (تتجلى هذه الذات العلوية) في نفس الشخصية الفاعلة المؤثرة. فتأملوا!

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك